والثاني عشر ان الزبد كما يربى فوق الماء بواسطة خفته فكذلك كلمة الباطل لموافقة هوى الناس معها يكون فوق كلمة الحق في الظاهر ويكون اتباع كلمة الباطل أكثر من اتباع كلمة الحق فان الحق ثقيل والباطل خفيف ولذا يكون أهل الحق أقل قال عز من قائل (وقليل من عبادي الشكور).
والثالث عشر انه كما يكون للزبد جلوة في الظاهر بحيث يزعم الجاهل الغافل انه أحسن وأنفع من الماء فكذلك كلمة الباطل له جلوة في الظاهر عند السفهاء من الناس الذين لا يتدبرون الآيات المحكمات والرابع عشر انه كما يكون الزبد شبيها بالماء بحيث يشتبه امره على الغافل ويزعم أنه ماء حقيقة فكذلك كلمة الباطل غالبا تشبه كلمة الحق بحيث تشتبه أمرها على الغافل فلا بد للعاقل من التدبر التام في هذا المقام حتى يتميز الحق من الباطل والخامس عشر ان الزبد كما جاء من قبل السيل واتصل به بحيث يزعم الجاهل الغافل باتصالها بكلمة الحق فيحسبها حقا وتعجبه فان الأول والثاني لو لم يكونا من قريش ومن المهاجرين لم يمكنهما ادعاء الخلافة فاشتبه أمرهما على الغفلة من جهة اتصالهما في الظاهر بالرسول صلى الله عليه وآله فهو تنبيه على أن الناس لابد ان يلجئوا إلى ركن وثيق ولا يغتروا بأمثال هذه الأمور كما اغتر به أكثرهم.
والسادس عشر انه كما يكون تكدر الماء المنزل من السماء بواسطة اختلاط الاجزاء الأرضية موافقا للحكمة ومقويا للمزارع التي يجرى عليها فكذلك انزال كلمة الحق بواسطة الأنبياء الذين لا يكونون من الأغنياء ولا من السلاطين بحيث يشق على أبناء الدنيا متابعتهم وتتكدر كلمة الحق في نظرهم لمخالفتها مع هواهم موافق للحكمة وصلاح لهم إذ مع هذه الحالة يمهلهم الله تعالى شانه حتى يتدبروا آياته ويستأنسوا بالحق ويرجع إليه من كان اهلا له ويتم الحجة على أهل الشقاء ولو نزلت كلمة الحق في كمال الظهور والبهاء بحيث لا تكون في الظاهر متكدرة واستكبروا عنها وجب