والرسول صلى الله عليه وآله ببيعتهم معه بالخلافة والإمامة فكما لا ينزل الماء من السماء بمشية الخلق واختيارهم فكذلك لا يصير شخص خليفة عن الرسول بانتخاب الأمة بل خليفة الرسول صلى الله عليه وآله من نصبه الله تعالى وانتخبه واختاره وانزل خلافته من سماء الوحي كيف وهو من أهم الأمور الدينية.
والسادس انه تعالى شأنه اتى بماء منكرا لا معرفا بلام الجنس تنبيها على أن المقصود فرد منه وهو النافع المبارك كما دل عليه قوله عز من قائل (واما ما ينفع الناس) معبرا عنه واتى بالنفع بصيغة المضارع مع أن مقتضى السياق الاتيان به بصيغة الماضي تنبيها على استمراره وعدم انقطاعه كما دل عليه الجزاء وهو قوله عزو جل (فيمكث في الأرض) صريحا فدل على أن كلمة الحق لا انقطاع لها ابدا ولو استتر في الظاهر وغاب مركز دائرتها عن الانظار وهذا أيضا من أقوى وجوه الشباهة والبلاغة والسابع ان الماء المنزل من السماء انزاله على جميع صنوف الأرض من الجبال والأودية والبر وهكذا سواء فكذلك انزال كلمة الحق على قلوب الناس سعيدهم وشقيهم سواء وهداية الحق تعالى شانه تعم جميع الخلق فمن تكبر وصار جبلا كأبي جهلا واضرابه ينحدر عنه الماء إلى الأودية التي تعيه فتسيل كل بقدره كسلمان وأبي ذر ومقداد وعمار رضي الله عنهم وأضرابهم وهذا أيضا من أقوى وجوه البلاغة.
والثامن ان الماء المنزل من السماء مع كمال لطافته في حد نفسه إذا ورد على الأرض تكدر بواسطة اختلاط الاجزاء الأرضية معه فكذلك كلمة الحق مع كمال نورانيتها وظهورها تتكدر في انظار السفهاء من الناس بواسطة رسوخ العقائد الجاهلية الناشئة من هوى نفوسهم حتى أنهم تعجبوا من اظهر كلمات الحق وهي كلمة التوحيد فقالوا: (اجعل الآلهة إلها واحدا ان هذا لشئ عجاب). وهذا أيضا من أقوى وجوه البلاغة.
التاسع ان انزال الماء من السماء على سبيل التدريج قطرة فقطرة كما يكون