بالحجج والبراهين كما أن مسلك الأنبياء عليهم السلام في مقام ارشاد الأمم وهدايتهم إلى حقائق الدين الحنيف ليس الا الاستدلال بالحجج والبراهين الساطعة.
فان قلت لو تم طريق الاستدلال كما ذكرت لزم ان لا يختلف العقلاء في المسائل النظرية مع أنه ما من مسألة نظرية الا وقد اختلف انظارهم فيه وكل منهم يتمسك بقياس برهاني في نظره فمنهم من قال بحدوث العالم وتمسك بما اشتهر من القياس وهو ان " العالم متغير وكل متغير حادث فالعالم حادث " ومنهم من قال بقدمه وتمسك بقياس آخر وهو ان العالم مستغن عن المؤثر وكل مستغن عن المؤثر قديم " فالعالم قديم.
قلت اختلافهم في الانظار ليس من جهة عدم تمامية ميزان القياس بل من جهة عدم مراعاة المخطئ منهم الميزان فان القائل بالقدم لم يراع الميزان فجعل صغرى قياسه عين مدعاه الذي هو مجهول ولذا يكون قياسه باطلا والنتيجة فاسدة وقد عرفوا المنطق بأنه " آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر ".
ثم إن ما ادعته الصوفية من الكشف و الشهود لا دليل على اعتباره في حد نفسه عقلا ولا شرعا إذا الكشف والشهود المدعى كما يمكن أن يكون من قبل الرحمن كذلك يمكن أن يكون من قبل الشيطان فان للشياطين وحيا وشهودا قال عز من قال:
" ان الشياطين ليوحون إلى أوليائهم " على أن المدعين للكشف والشهود يختلفون غاية الاختلاف وأكثرهم من العامة العمياء اتباع أئمة الضلال فلا يكون تمام مكاشفاتهم حقا للمناقضة فلا بد من ميزان يوزن به مكاشفاتهم لتمييز صحيحها عن باطلها ولا ميزان في البين الا طريق الاستدلال فتوازن بما ثبت في الشرع بالدليل فما وافقه الدليل فهو صحيح والا فباطل فالمكاشفة لا تتم الا بالدليل فحينئذ ينبغي ان يقال في جواب شاعرهم.
پاى استدلاليان زرين بود * پاى زرين سخت باتمكين بود