لا يحصل من الاجمال الا بعد زواله ورجوعه إلى التفصيل فينحصر طريق العلم بالمجهولات النظرية في الكشف والشهود الذي ادعته الصوفية قال شاعرهم:
پاى استدلاليان چو بين بود * پاى چو بين سخت بي تمكين بود بينوا لنا ما ينحل به الاشكال عن الاشكال توجروا.
أقول بعون الله تعالى ومشيته الجواب عن الاشكالين في غاية الوضوح.
اما عن الأول فبان علم المنطق كما يتكفل ميزان الخطاء في النظر من حيث ترتيب الاشكال كذلك يتكفل ميزان الخطا في المواد إذ قد بين فيه ان المقدمتين الصغرى والكبرى لا بد ان تكونا ضروريتين أو منتهيتين إليهما وان الضروريات تنحصر في ست الأوليات والمشاهدات والتجربيات والحدسيات والمتواترات والفطريات وبهذا البيان يحصل التحرز عن الخطأ في المواد بالضرورة مع رعايتها وإنما اشتبه الامر على الأسترآبادي.
واما عن الثاني فبان العلم بكلية الكبرى لا يتوقف على العلم بالنتيجة أصلا لا اجمالا ولا تفصيلا وإنما يتوقف على العلم بالملازمة بين الوسط والمحمول الناشئة من كون الوسط علة للمحمول أو معلولا عنه أو اشتراكهما في العلة ولذا انحصر الدليل في الآني واللمي ومن المعلوم ان العلم بالملازمة لا يتوقف على العلم بالنتيجة بأحد الوجهين مثلا إذا علمت بان الفقر سبب لاستحقاق الزكاة والعلم بالأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية سبب للمرجعية وجواز التقليد تحكم بان كل فقير يستحق الزكاة وكل فقيه ينفذ حكمه ويجوز تقليده سواء علمت بوجود فقير وفقيه اجمالا أو تفصيلا أم لم تعلم به كذلك بل مع العلم بعدمه في الدنيا فعلا تحكم بالقضية الكلية.
ولا يتوقف صدق القضية الكلية على وجود افرادها في الخارج ويسمى القضية حينئذ بالحقيقة وأبو سعيد زعم أن العلم بالقضية الكلية إنما يحصل من استقراء جزئياتها وافرادها وهو خطأ منه بل استقراء الجزئيات لا يكفي في الحكم بالقضية الكلية العامة للافراد الموجودة ولما لم توجد بعد مع قطع النظر عن العلم بالملازمة