وجوب الصوم وموجب لقصر الصلاة فلا يكون وقوعه عن اختيار قادحا في جواز الافطار بل يتقوم حقيقة السفر بالاختيار وقصد المسافة فلا يعقل تقييده بعدم الاختيار.
فان قلت كما أن وجوب الحج مشروط بالاستطاعة فكذلك مشروط بدخول وقته أيضا إذ لا يعقل وجوب الشئ قبل دخول وقته ووجوب تحصيل مقدمات الوجود ابتداءا واستدامة فرع وجوب ذيها فلا يعقل وجوبها قبل وجوبه ومقتضاه جواز بذل ما يستطاع به في سائر النفقات قبل دخول وقت الحج ولو عند سير الوفد.
قلت إنما يمتنع ايجاد الشئ قبل وقته.
واما ايجابه قبله فلا فان الوقت كما يصلح ان يجعل سببا للوجوب فقط كذلك يصلح ان يجعل ظرفا للعمل كذلك بل هذا شأنه الأولى وقد يجتمع فيه الاعتبار ان وإذا اعتبر ظرفا فقد تعتبر ظرفيته على وجه بحيث لا يكون مجال للعمل الا فيه وقد تعتبر على وجه بحيث يمكن قضاء العمل في غيره لعذر أو مطلقا فالظرفية قد تكون تامة وقد تكون ناقصة وأوقات الصلوات المكتوبة مما اجتمع فيها الاعتبار ان السببية والظرفية الناقصة ولذا لا تجب قبل دخول أوقاتها ويصح قضائها بعد خروج أوقاتها.
واما أوقات المناسك فإنما اعتبرت ظرفا لها على وجه التمام ولم تعتبر سببا لوجوبها ولذا يجب الحج على المستطيع قبل دخول وقته ولا يصح ايقاعه الا في وقته.
فان قلت الاستطاعة والقدرة على ايجاد الواجب لا تتحقق الا بعد دخول وقته فلا يعقل وجوب الشئ على الشخص تعلقا أو تنجزا قبل دخول وقته من جهة فقد القدرة التي هي من شرائط الوجوب.
قلت ايجاد العمل في الوقت يتوقف على دخول الوقت واما القدرة على ايجاده فيه فلا إذ كما لا يتوقف قدرة الشخص على ايجاد العمل في مكان مخصوص على كونه فيه فكذلك لا تتوقف قدرته على ايجاده في وقت مخصوص على دخوله وحلوله نعم لا مجال لاعمال قدرته قبل كونه في الوقت والمكان اللذين ضربا