الأول ان اللوازم العقلية والعادية لا تثبت بالأصول حتى يتعارض القاعدتان باعتبار لازمهما وتفكيك المتلازمين شايع في الأصول فان مؤداها إنما هي وظائف المكلف في مرحلة العمل لا ثبوت الواقع ولو تنزيلا حتى تثبت بها اللوازم فيقتصر في العمل على نفس مؤداها وقد نبه عليه الأصحاب (قدس سرهم) في مواضع كثيرة.
منها ما لو شك المصلى بعد صلاة الظهر مثلا في أنه تطهر لصلوته أم غفل عنها فحكموا بأنه متطهر بالنسبة إلى صلاة الظهر لقاعدة الفراغ ومحدث يجب عليه التطهير بالنسبة إلى صلاة العصر لاستصحاب الحدث مع أن الجمع بين الحكمين مع عدم تخلل الحدث جمع بين الضدين بالنظر إلى الواقع.
ومنها ما لو شك بعد الفراغ عن الوضوء في تطهير أعضائه فحكموا بصحة الوضوء ونجاسة الأعضاء عملا بقاعدة الفراغ في الأولى وبالاستصحاب في الثانية مع استحالة اجتماعهما في الواقع.
ومنها ما لو تطهر بمايع مردد بين كونه بولا أو ماء فحكموا ببقاء الحدث وطهارة الأعضاء عملا بالاستصحاب في كل منهما مع استحالة اجتماعهما واقعا إلى غير ذلك من الموارد التي لا تخفى على المتتبع.
والثاني انه لا تنافى بين القاعدتين حتى باعتبار لازمهما إذ مرجع البناء على الأكثر إلى المعاملة مع المشكوك معاملة الأكثر في جواز التسليم عليه والاتيان بالمحلل لا المعاملة معاملة التمام والاجتزاء به والا لم يجب الاحتياط بما هو جابر للفائت فمرجع البناء على الأكثر مع وجوب الاحتياط إلى البناء على الأقل والتسليم عليه والاتيان بالركعة الأخرى مفصولة لا موصولة دفعا لتطرق الزيادة في الصلاة محسوبة مع فصلها مقام الموصولة حينئذ والا لم تكن احتياط فبناء العصر على الأكثر الراجع إلى البناء على الأقل لا ينافي مع بناء الظهر على التمام المجتزى به كما هو ظاهر.