كان مانعا عنه دفعا لا رفعا فاللازم جوازه في صورة التمكن من اقامتها فيه مع أن مرجع التحريم في صورة عدم التمكن منها إلى تحريم تفويت الواجب الراجع إلى تنجزه وتحتم امتثاله فلا تحريم في البين أصلا وتوهم ان تجويز السفر على تقدير تمكنه من اقامتها فيه دورى يتأدى وجوده إلى عدمه حيث إن جواز السفر سبب لسقوط وجوب الجمعة عنه في غير محله لان تعليق الجواز على تقدير التمكن مبنى على عدم كونه رافعا فلا يوجب سقوط الجمعة حينئذ حتى يتأدى وجوده إلى عدمه.
ويرد ما ذكرناه فيما حكموا به من تعين صرف ما يستطاع به في نفقة الحج عند سير الوفد وحرمة بذله في نفقة النكاح وغيرها من الوجوه المحللة له لولا الحج.
ويمكن دفعه بجعل حدوث الاستطاعة شرطا لوجوب الحج ولكن يلزم حينئذ استقرار وجوبه مع زوالها قبل ادراك المناسك في العام الأول.
والتحقيق في حل الاشكال ان يقال إن الاستطاعة لا تزول بصرف المال في غير نفقة الحج اختيارا توضيحه ان الاستطاعة هي المرتبة التامة من القدرة المتقابلة مع العجز تقابل التناقض ومن المعلوم ان ارتفاع أحد النقيضين لا يكون الا بوجود الاخر فارتفاع القدرة التامة إنما يكون بتحقق خلافها وهو المرتبة الخاصة من العجز المنافى للاختيار ضرورة عدم مجامعة أحدهما مع الاخر ولا يزول الاختيار بالامتناع المستند إليه.
وقد اشتهر اشتهار الضروريات ان " الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار " فكما لا يزول أصل القدرة بالعجز المستند إلى اختياره فكذلك المرتبة الخاصة منها لا تزول بالمرتبة الخاصة من العجز المستند إلى اختياره فصرف المستطيع ماله في غير نفقة الحج باختياره لا يوجب زوال استطاعته وقدرته عليه حتى يوجب عدم التنجز أو عدم التعلق بخلاف السفر فإنه فعل اختياري وهو بوصف انه اختياري مانع عن تنجز