ينافي اثبات السلطان وان البينة ناهضة على كل منهما بوجوب القود فلا وجه لسقوطه وبانا قد اجمعنا على أنه لو شهد اثنان على واحد بأنه القاتل فاقر آخر بالقتل يتخير الولي في التصديق والاقرار كالبينة في حق الادمى.
وأجيب بان الآية تدل على اثبات السلطان للولي مع علم القاتل لا مطلقا وهو منتف هنا والبينة إنما تنهض مع عدم المعارض وهو موجود والاجماع على المسألة المبنى عليها ممنوع ". إلى أن قال: " وللمصنف في النكت تفصيل حسن وهو ان الأولياء اما ان يدعوا القتل على أحدهما أو يقولوا لا نعلم فإن كان الأول قتلوه لقيام البينة بالدعوى وتهدر الأخرى وإن كان الثاني فالبينتان متعارضتان على الانفراد لا على مجرد القتل فيثبت القتل من أحدهما ولا يتعين والقصاص يتوقف على تعيين القاتل فيسقط وتجب الدية لعدم أولوية نسبة القتل إلى أحدهما دون الاخر.
واعلم أن مقتضى عبارة الشيخين في الكتابين يدل على أن بالحكم الأول رواية وبه صرح العلامة في النهاية ولم نقف عليها فوجب الرجوع إلى القواعد الكلية في الباب " انتهى.
أقول مقتضى الرجوع إلى القواعد الكلية المطردة في جميع الأبواب سقوط القصاص والدية معا لأنهما فرع ثبوت القتل والبينتان إذا تعارضتا وتكافئتا تساقطتا عن التأثير لان تأثيرهما معا اجتماع للضدين وتأثير إحديهما بعينها ترجيح بلا مرجح وتأثير إحديهما لا بعينها تأثير للشيئ قبل وجوده لان الشئ قبل تعينه واقعا مبهم والشئ ما لم يتشخص لم يوجد كما أنه ما لم يوجد لم يتشخص فبطل القولان معا.
اما الأول فلرجوعه إلى ثبوت القتل بالبينتين وعدم ثبوته بهما وهو اجتماع للنقيضين وتعليل ثبوت الدية حينئذ بثبوت القتل على أحدهما وجهالته بعينه فيجب الدية عليهما لئلا يطل دم امرء مسلم في غير محله.
لأنه ان أريد بثبوت القتل على أحدهما مجهول العين ثبوته بالبينتين فقد عرفت