فان التمسك لنفيه بالأصل هو المحقق لكون مدعى الصحة منكرا دون ما إذا اختلفا في شئ من أركان العقد فإنه لا وجه للتقديم حينئذ وبهذا تبين ان مدعى الصحة لا يقدم قوله على حال من الأحوال لان الاختلاف وقع في ركن العقد وهو تعيين الأجرة فيكون ادعائه كادعاء أصل العقد انتهى.
إذا تحقق لك ما حققناه فقد تحقق لك ان الصحة في المقام لا تكون موافقة للأصل لان الاختلاف إنما هو في ركن العقد فان مولى الأب إنما يدعى فساد العقد من جهة فقد ما يتقوم به البيع وهو مغايرة مالك الثمن.
والحاصل ان أصالة الصحة لا تكون أصلا مستقلا ولا دليل على اعتباره كذلك وإنما هي راجعة إلى قاعدة الاقتضاء والمنع والاخذ بالمقتضى مع الشك في وجود المانع دفعا أو رفعا أو قطعا فان مرجع الجميع إلى المنع من تأثير المقتضى اثره فلا تكون الرواية الشريفة من هذه الجهة مخالفة لأصل المذهب.
واما الثاني فلان يد مولى المأذون على أبيه الذي اشتراه هو من سيده بادعائه مسبوقة بيد مولى الأب ومقر بسبق يده لادعائه ان عبده المأذون اشتراه بماله من مولاه وقد اتفق الأصحاب " قدس سرهم " على تقديم اليد السابقة على اللاحقة مع اقرارها بسبق اليد السابقة عليها بل التحقيق عندي انه تتقدم اليد السابقة على اللاحقة مطلقا سواء ثبت السبق بالبينة أو باقرار ذي اليد اللاحقة وقد أوضحنا الكلام فيه في رسالة مستقلة.
فاتضح بما بيناه ان الرواية الشريفة من هذه الجهة أيضا لا تكون مخالفة لأصل المذهب:
واما الثالث فلان الامر بالحج وإن كان ظاهرا في مباشرة المأذون بنفسه الا ان القرينة قائمة على إرادة الأعم وهي عدم دعوى ورثة الامر خلافه مع أن المراد بمضي الحجة إن كان وقوعها عن الامر ولو مع عدم استحقاق الأجرة عليها فهو لا يتوقف على تحقق الامر لان الحج وغيره من العبادات يقع عمن نوى عنه العامل امر به أم لا إن كان واجبا فيبرء ذمته به وإن كان مندوبا يقع عمن نوى عنه هو مع الامر