والثالث: أنه عطية من الله للنساء في شرعنا. وكان في شرع من قبلنا المهر للأولياء. ولهذا قال الله تعالى قي قصة شعيب وموسى عليهما الصلاة والسلام، قال:
* (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج) *.
وما يجوز أن يكون عوضا في البيع يجوز أن يكون صداقا. وليس الصداق ركنا في النكاح، بل يجوز إخلاؤه من المهر، لكن المستحب تسميته. لما روي أن النبي (ص) لم يتزوج أحدا من نسائه، ولا زوج أحدا من بناته، إلا بصداق سماه في العقد وروي أن امرأة أتت النبي (ص). فقالت: يا رسول الله، قد وهبت نفسي منك، فصعد النبي (ص) بصره إليها، ثم صوبه. ثم قال: مالي اليوم في النساء من حاجة. فقام رجل من القوم، فقال: زوجنيها يا رسول الله. فقال له: ما تصدقها؟ قال: إزاري. قال: إن أصدقتها إزارك جلست ولا إزار لك. فقال: ألتمس شيئا. فالتمس شيئا، فلم يجد. فقال:
التمس ولو خاتما من حديد. فالتمس ولم يجد شيئا. فقال النبي (ص): أمعك شئ من القرآن؟ قال: نعم. سورة كذا وسورة كذا. فقال: زوجتكها بما معك من القرآن ولأنه إذا زوجه بالمهر كان أقطع للخصومة. وروى عقبة بن عامر: أن النبي (ص) زوج رجلا بامرأة، ولم يفرض لها صداقا. فلما حضرته الوفاة. قال: إني تزوجتها بغير مهر. وإني قد أعطيتها عن صداقها سهمي بخيبر. فباعته بمائة ألف ولان المقصود في النكاح: اعتبار الزوجين، دون المهر. ولهذا يجب ذكر الزوجين في العقد. وإنما العوض فيه تبع. بخلاف البيع. فإن المقصود فيه العوض. ولهذا لا يجب ذكر البائع والمشتري في العقد إذا وقع بين وكيليهما.
فائدة: قال الرافعي: روى القفال الشاشي عن أحمد بن عبد الله السجستاني أنه سأل المتولي: هل يجوز النكاح على تعليم الشعر؟ فقال: يجوز إذا كان مثل قول الشاعر:
يريد المرء أن يعطى مناه ويأبى الله إلا ما أراد يقول: العبد: فائدتي ومالي وتقوى الله أفضل ما استفاد