أحدهما مسلما والآخر ذميا فالمسلم أولى لأنه يتبعه في الاسلام فكان أنفع للصبي وكذا إذا ادعته مسلمة وذمية فالمسلمة أولى ولو شهد للذمي مسلمان وللمسلم ذميان فهو للمسلم لان الحجتين وان تعارضتا فاسلام المدعي كاف للترجيح ولو كان أحدهما حرا والآخر عبدا فالحر أولى لأنه أنفع للقيط وإن كانا حرين مسلمين فان ذكر أحدهما علامة في بدن اللقيط ولم يذكر الآخر فوافقت دعوته العلامة فصاحبها أولى لرجحان دعواه بالعلامة لان الشرع ورد بالترجيح بالعلامة في الجملة قال الله تبارك وتعالى في قصة سيدنا يوسف عليه أفضل التحية وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن ان كيد كن عظيم جعل قد القميص من خلف دليل مراودتها إياه لما أن ذلك علامة جذبها إياه إلى نفسها والقدمن قدام علامة دفعها إياه عن نفسها وكذلك قال أصحابنا في لؤلئي ودباغ في حانوت واحد هو في أيديهما فيه لؤلؤ واهاب فتنازعا أنه فيهما يقضى باللؤلؤ للؤلئي وبالاهاب للدباغ لأن الظاهر يشهد باللؤلؤ للؤلئي وبالاهاب للدباغ وكذلك قالوا في الزوجين اختفا في متاع البيت أن ما يكون للرجال يجعل في يد الزوج وما يكون للنساء يجعل في يدها ونحو ذلك من المسائل بناء على ظاهر الحال وغالب الامر كذا هذا فان ادعي أحدهما علامات في هذا اللقيط فوافق البعض وخالف البعض ذكر الكرخي رحمه الله أنه يثبت نسبه منهما لأنه وقع التعارض في العلامات فسقط الترجيح بها كان سكت عن ذكر العلامة رأسا وان لم يذكر أحدهما علامة أصلا ولكن لأحدهما بينة فإنه يقضى له لان الدعوة لا تعارض البينة وان لم يكن لأحدهما بينة ثبت نسبه منهما جميعا وهذا عندنا لاستوائهما في الدعوة وعند الشافعي رحمه الله لا يثبت نسبه الا من أحدهما ويتعين بقول القافة على ما ذكرنا والكلام مع الشافعي رحمه الله تقدم ولو كان المدعى أكثر من رجلين فهو على الخلاف الذي ذكرناه في الجارية المشتركة ولو قال أحد المدعين هو ابني وهو غلام فإذا هو جارية لم يصدق لأنه ظهر كذبه بيقين ولو قال أحدهما هو ابني وقال الآخر هو ابنتي فإذا هو خنثى يحكم مباله فإن كان يبول من مبال الرجال فهو ابن مدعى البنوة وإن كان يبول من مبال النساء فهي ابنة مدعى البنتية وإن كان يبول منهما جميعا يعتبر السبق فان استويا في السبق فهو مشكل عند أبي حنيفة وعندهما تعتبر كثرة البول فان استويا في ذلك فهو مشكل لان هذا حكم الخنثى وينبغي أن يثبت نسبه منهما جميعا ولو قال الملتقط هو ابني من زوجتي هذه فصدقته فهو ابنهما حرة كانت أو أمة غير أنها إن كانت حرة كابن الابن حرا بالاجماع وإن كانت أمة كان ملكا لمولى الأمة عند أبي يوسف وعند محمد يكون حرا وجه قول محمد أن نسبه وان ثبت من الأمة لكن في جعله تبعا لها في الرق مضرة بالصبي وفى جعله حرا منفعة له فيتبعها فيما ينفعه ولا يتبعها فيما يضره كالذمي إذا ادعى نسب لقيط ثبت نسبه منه لكن لا يتبعه فيما يضره وهو دينه لما قلنا كذا هذا وجه قول أبى يوسف ان الأصل أن الولد يتبع الام في الرق والحرية فكان من ضرورة ثبوت النسب منها أن يكون رقيقا والرق وإن كان يضره فهو ضرر يلحقه ضرورة غيره فلا يعتبر ولو ادعته امرأة أنه ابنها وهي حرة أو أمة ذكر في الأصل انها لا تصدق على ذلك حتى تقيم البينة انها ولدته وان أقامت امرأة واحدة على الولادة قبلت إذا كانت حرة عدلة أطلق الجواب في الأصل ولم يفصل بين ما إذا كان لها زوج أم لا منهم من حمل هذا الجواب على ما إذا كان لها زوج لأنه إذا كان لها زوج كان في تصحيح دعوتها حمل النسب على الغير فلا تصح الا بالبينة أو بتصديق الزوج فاما إذا لم يكن لها زوج فلا يتحقق معنى التحميل فيصح من غير بينة ومنهم من حقق جواب الكتاب وأجرى رواية الأصل على اطلاقها وفرق بين الرجل والمرأة فقال يثبت نسبه من الرجل بنفس الدعوة ولا يثبت نسبه منها الا ببينة ووجه الفرق أن النسب في جانب الرجال يثبت بالفراش وفى جانب النساء يثبت بالولادة ولا تثبت الولادة الا بدليل وأدنى الدلائل عليها شهادة القابلة ولو ادعته امرأتان فهو ابنهما عند أبي حنيفة وكذا إذا كن خمسا عنده وعندهما لا يثبت نسب الولد من المرأتين أصلا وجه قولهما أن النسب في جانب النساء يثبت بالولادة وولادة ولد
(٢٥٣)