إذا كانت الدعوى دعوى الملك فاما دعوى اليد بان تنازع رجلان في شئ يدعيه كل واحد منهما انه في يده فعلى كل واحد منهما البينة على اليد لقوله عليه الصلاة والسلام البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه ولان الملك واليد كل واحد منهما مقصود في نفسه فتقع الحاجة إلى اثبات كل واحد منهما بالبينة فان أقاما جميعا البينة يقضى بكونه في أيديهما لاستوائهما في الحجة وان أقام أحدهما البينة صار صاحب يد وصار مدعى عليه وان لم تقم لأحدهما بينة فعلى كل واحد منهما اليمين لقوله عليه الصلاة والسلام واليمين على من أنكر وكل واحد منهما ينكر دعوى صاحب اليد فيحلف هذا كله إذا قامت البينتان على الملك أو على اليد فاما إذا قامت احدى البينتين على الملك والأخرى على اليد فبينة الملك أولى نحو ما إذا أقام الخارج البينة على أن الدار له منذ سنتين وأقام ذو اليد البينة على أنها في يده منذ ثلاث سنين يقضى بها للخارج لان البينة القائمة على الملك أقوى لان اليد قد تكون محقة وقد تكون مبطلة كيد الغصب والسرقة واليد المحقة قد تكون يد ملك وقد تكون يد إعارة وإجارة فكانت محتملة فلا تصلح بينتها معارضة لبينة الملك (واما) دعوى النسب فالكلام في النسب في الأصل في ثلاثة مواضع في بيان ما يثبت به النسب وفي بيان ما يظهر به النسب وفي بيان صفة النسب الثابت اما ما يثبت به النسب فالكلام فيه في موضعين أحدهما في بيان ما يثبت به نسب الولد من الرجل والثاني في بيان ما يثبت به نسبه من المرأة اما الأول فنسب الولد من الرجل لا يثبت الا بالفراش وهو ان تصير المرأة فراشا له لقوله عليه الصلاة والسلام الولد للفراش وللعاهر الحجر وقوله عليه الصلاة والسلام الولد للفراش أي لصاحب الفراش الا انه أضمر المضاف فيه اختصارا كما في قوله عز وجل وأسأل القرية ونحوه والمراد من الفراش هو المرأة فإنها تسمى فراش الرجل وإزاره ولحافه وفى التفسير في قوله عز شأنه وفرش مرفوعة انها نساء أهل الجنة فسميت المرأة فراشا لما انها تفرش وتبسط بالوطئ عادة ودلالة الحديث من وجوه ثلاثة أحدها ان النبي عليه الصلاة والسلام أخرج الكلام مخرج القسمة فجعل الولد لصاحب الفراش والحجر للزاني فاقتضى ان لا يكون الولد لمن لا فراش له كما لا يكون الحجر لمن لا زنا منه إذ القسمة تنفى الشركة والثاني انه عليه الصلاة والسلام جعل الولد لصاحب الفراش ونفاه عن الزاني بقوله عليه الصلاة والسلام وللعاهر الحجر لان مثل هذا الكلام يستعمل في النقي والثالث انه جعل كل جنس الولد لصاحب الفراش فلو ثبت نسب ولد لمن ليس بصاحب الفراش لم يكن كل جنس الولد لصاحب الفراش وهذا خلاف النص فعلى هذا إذا زنى رجل بامرأة فجاءت بولد فادعاه الزاني لم يثبت نسبه منه لانعدام الفراش واما المرأة فيثبت نسبه منها لان الحكم في جانبها يتبع الولادة على ما نذكر إن شاء الله تعالى وقد وجدت وكذلك لو ادعى رجل عبدا صبيا في يد رجل انه ابنه من الزنا لم يثبت منه كذبه المولى فيه أو صدقه لما قلنا ولو هلك الولد بوجه من الوجوه عتق عليه لأنه أقر انه مخلوق من مائه وان ملك أمه لم تصر أم ولد له لان أمومية الولد تتبع ثبات النسب ولم يثبت وكذلك لو كان هذا العبد لأب المدعى أو عمه لما ذكرنا ولو كان لابن المدعى فقال هو ابني من الزنا يثبت نسبه منه وهو مخطئ في قوله من الزنا لأنه يصير متملكا الجارية عندنا قبيل الاستيلاد أو مقارنا له ولا يتحقق الوطئ زنا مع ثبوت الملك ولو كان المدعى غير الأب فقال هو ابني منها ولم يقل من الزنا فان صدقه المولى ثبت نسبه منه ويكون عبد المولى الام وان كذبه لا يثبت النسب للحال وإذا ملكه المدعى يثبت النسب ويعتق عليه لان الاقرار بالبنوة مطلقا عن الجهة محمول على جهة مصححة للنسب وهي الفراش الا انه لم يظهر نفاذه للحال لقيام ملك المولى فإذا ملكه زال المانع وكذلك لو قال هو ابني من نكاح فاسد أو شراء فاسد وادعى شبهة بوجه من الوجوه أو قال أحلها لي الله ان صدقه المولى يثبت النسب وان كذبه لم يثبت النسب ما دام عبدا فإذا ملكه يثبت النسب ويعتق عليه لأن العقد الفاسد ملحق بالصحيح في ثبات النسب وكذلك الشبهة فيه ملحقة بالحقيقة فكان هذا اقرار بالنسب بجهة مصححة للنسب شرعا الا انه امتنع ظهوره للحال لحق المولى فإذا زال ظهر وعتق لأنه ملك ابنه وان ملك انها كانت أم ولد له لأنه وجد سبب أمومية الولد وهو ثبوت النسب بناء على وجود سبب الثبوت وهو الاقرار بالنسب بجهة
(٢٤٢)