ادعى المشترى نسبه بعد تصديقه البائع لم يصح لما مر أن النسب متى ثبت لانسان في زمان لا يتصور ثبوته من غيره بعد ذلك هذا كله إذا كانت الدعوى من البائع فإن كانت من المشترى وقد ولدت لأقل من ستة أشهر صحت دعوته وثبت النسب لأن هذه دعوة تحرير لا دعوة استيلاد لتيقننا ان العلوق لم يكن في الملك فيستدعى قيام الملك وقت الدعوة وقد وجد فلو ادعاه البائع بعد ذلك لا تسمع دعوته لما مر أن اثبات نسب ولد واحد من اثنين على التعاقب يمتنع ولو ادعاه البائع والمشترى معا فدعوة البائع أولى لان دعوته دعوة استيلاد لوقوع العلوق في الملك وانها تستند إلى وقت العلوق ودعوة المشترى دعوة تحرير لوقوع العلوق في غير الملك بيقين وانها تقتصر على الحال والمستند أولى لأنه سابق في المعنى والأسبق أولى كرجلين ادعيا تلقى الملك من واحد وتاريخ أحدهما أسبق كان الأسبق أولى كذا هذا وعلى هذا إذا ولدت أمة رجل ولدا في ملكه لستة أشهر فصاعدا فادعاه أبوه ثبت نسبه منه سواء أدعى شبهه أولا صدقه الابن في ذلك أو كذبه لان الاقرار بنسب الولد اقرار بوطئ الجارية والأب إذا وطئ جارية ابنه من غير نكاح يصير متملكا إياها لحاجته إلى نسب ولد يحيا به ذكره ولا يثبت النسب الا بالملك وللأب ولاية تملك مال ابنه عند حاجة إليه ألا ترى انه يتملك ماله عند حاجة إلى الانفاق على نفسه كذا هذا الا أن هناك يتملك تغير عوض وهنا بعوض وهو قيمة الجارية لتفاوت بين الحاجتين إذ الحاجة هناك إلى ابقاء النفس والحاجة هنا إلى ابقاء الذكر والاسم والتملك بغير عوض أقوى من التملك بعوض لان ما قابله عوض كان تملكا صورة لا معنى وقد دقع الشارع كل حاجة بما يناسبها فدفع حاجة استيفاء المهجة بالتملك بغير بدل وحاجة استيفاء الذكر بالتملك ببدل رعاية للجانبين جانب الابن وجانب الأب وتصديق الابن ليس بشرط فسواء صدقه الابن في الدعوى والاقرار أو كذبه يثبت النسب فرقا بين هذا وبين المولى إذا ادعى ولد أمة مكاتبه انه لا يثبت نسبه منه الا بتصديق المكاتب (ووجه) الفرق ظاهر لأنه لا ولاية للمولى على مال المكاتب فكان أجنبيا عنه فوقعت الحاجة إلى تصديقه وللأب ولاية على مال ابنه فلا يحتاج إلى تصديقه لصحة هذه الدعوة لكن من شرط صحة هذه الدعوة كون الجارية في ملك الابن من وقت العلوق إلى وقت الدعوة حتى لو اشتراها الابن فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر فادعاه الأب لا تصح دعوته لانعدام الملك وقت العلوق وكذا لو باعها فجاءت بولد في يد المشترى لأقل من ستة أشهر فادعاه الأب لم تصح لانعدام الملك وقت الدعوة وكذا لو كان العلوق في ملكه وولدت في ملكه وخرجت عن ملكه فيما بينهما لانقطاع الملك فيما بينهما ثم إنما كان قيام الملك للابن في الجارية من وقت العلوق إلى وقت الدعوة شرطا لصحة هذه الدعوة لان الملك يثبت مستندا إلى زمان العلوق ولا يثبت الملك الا بالتملك ولا تملك الا بولاية التملك لان تملك مال الانسان عليه كرها وتنفيذ التصرف عليه جبرا لا يكون الا بالولاية فلابد من قيام الولاية فإذا لم تكن الجارية في ملكه من وقت العلوق إلى وقت الدعوة لم تتم الولاية فلا يستند الملك وكذلك الأب لو كان كافرا أو عبدا فادعى لا تصح دعوته لان الكفر والرق ينفيان الولاية ولو كان كافرا فأسلم أو عبد فأعتق فادعى نظر في ذلك ان ولدت بعد الاسلام أو الاعتاق لأقل من ستة أشهر لم تصح دعوته لانعدام ولاية التملك وقت العلوق وان ولدت لستة فصاعدا صحت دعوته ويثبت النسب لقيام الولاية ولو كان معتوها فأفاق صحت دعوته استحسانا والقياس أو لا تصح لان الجنون مناف للولاية بمنزلة الكفر والرق (وجه) الاستحسان ان الجنون أمر عارض كالاغماء وكل عارض على أصل إذا زال يلتحق بالعدم من الأصل كأنه لم يكن كما لو أغمي عليه ثم أفاق ولو كان مرتدا فادعى ولد جارية ابنه فدعوته موقوفة عند أبي حنيفة لتوقف ولايته وعندهما صحيحة لنفاذ ولايته بناء على أن تصرفات المرتد موقوفة عنده وعند هما نافذة وإذا ثبت الولد من الأب فنقول صارت الجارية أم ولد ولا عقر عليه عند أصحابنا الثلاثة رحمهم الله تعالى وعند زفر والشافعي رحمهما الله يجب عليه العقر (وجه) قولهما أن الملك ثبت شرطا لصحة الاستيلاد والاستيلاد ايلاج منزل معلق فكان الفعل قبل الانزال خاليا عن الملك فيوجب العقر ولهذا يوجب نصف العقر في الجارية المشتركة بين الأجنبيين إذا جاءت بولد فادعاه أحدهما لان
(٢٥٠)