واحد من امرأتين لا يتصور فلا يتصور ثبوت النسب منهما بخلاف الرجال لان النسب في جانبهم يثبت بالفراش ولأبي حنيفة أن سبب ظهور النسب هو الدعوة وقد وجدت من كل واحد منهما وما قالا إن الحكم في جانبهن متعلق بالولادة فنعم لكن في موضع أمكن وهنا لا يمكن فتعلق بالدعوة وقد ادعياه جميعا فيثبت نسبه منهما وعلى هذا لو ادعاه رجل وامرأتان يثبت نسبه من الكل عنده وعندهما يثبت من الرجل لا غير ولو ادعاه رجلان وامرأتان كل رجل يدعى أنه ابنه من هذه المرأة والمرأة صدقته فهو ابن الرجلين والمرأتين عند أبي حنيفة وعندهما ابن الرجلين لا غير وأما ظهور النسب بالبينة فنقول وبالله التوفيق البينة يظهر بها النسب مرة ويتأكد ظهوره أخرى فكل نسب يجوز ثبوته من المدعى إذا لم يحتمل الظهور بالدعوة أصلا لا بنفسها ولا بقرينة التصديق بأن كان فيه حمل النسب على الغير ونحو ذلك يظهر بالبينة وكذا ما احتمل الظهور بالدعوة لكن بقرينة التصديق إذا انعدم التصديق وظهر أيضا بالبينة وكل نسب يحتمل الظهور بنفس الدعوة يتأكد ظهوره بالبينة كما إذا ادعى اللقيط رجل الملتقط أو غيره وثبت نسبه من المدعى ثم ادعاه رجل آخر وأقام البينة يقضى له لان النسب وان ظهر بنفس الدعوة لكنه غير مؤكد فاحتمل البطلان بالبينة وكذا لو ادعاه رجلان معا ثم أقام أحدهما البينة فصاحب البينة أولى لما قلنا وإذا تعارضت البينتان في النسب فالأصل فيه ما ذكرنا في تعارض البينتين على الملك أنه ان أمكن ترجيح أحدهما على الأخرى يعمل بالراجح وان تعذر الترجيح يعمل بهما الا أن هناك إذا تعذر الترجيح يعمل بكل واحدة منهما من وجه بقدر الامكان وهنا يعمل بكل واحدة منهما من كل وجه ويثبت النسب من كل واحد من المدعيين لامكان اثبات النسب لولد واحد من اثنين على الكمال واستحالة كون الشئ الواحد مملو كالاثنين على الكمال في زمان واحد إذا عرفنا هذا فنقول جملة الكلام فيه أن تعارض البينتين اما أن يكون بين الخارج وبين ذي اليد واما أن يكون بين الخارجين وبين ذي اليد فإن كان بين الخارج وذي اليد فبينة ذي اليد أولى لأنهما استويا في البينة فيرجح صاحب اليد باليد وإن كان بين الخارجين وبين ذي اليد فان أمكن ترجيح أحدهما بوجه من الوجوه من الاسلام والحرية والعلامة واليد وقوة الفراش وغير ذلك من أسباب الترجيح يعمل بالراجح وان استويا يعمل بهما ويثبت النسب منهما وعلى هذا إذا ادعى أحدهما أن اللقيط ابنه وادعى الآخر انه عبده يقضى للذي ادعى أنه ابنه لأنه يدعى الحرية والآخر يدعى الرق فبينة الحرية أقوى وكذلك لو أقام أحدهما البينة انه ابنه من هذه الحرة وأقام الآخر البينة انه ابنه من هذه الأمة فهو ابن الحر والحرة لما قلنا ولو أقام كل واحد منهما البينة انه ابنه من امرأة حرة فهو ابن الرجلين وابن المرأتين على قياس قول أبي حنيفة رحمه الله وعندهما ابن الرجلين لا غير لما مر ولو ادعاه رجلان ووقتت بينة كل واحد منهما فان استوى الوقتان ثبت النسب منهما لاستواء البينتين ولو كان وقت إحداهما أسبق يحكم سن الصبي فيعمل عليه لأنه حكم عدل فان أشكل سنه فعلى قياس قول أبي حنيفة يقضى لأسبقهما وقتا وعندهما يقضى لهما وجه قولهما أنه إذا أشكل السن سقطا اعتبار التاريخ أصلا كأنهما سكتا عنه ولأبي حنيفة رحمه الله انه إذا أشكل السن لم يصلح حكما فبقي الحكم للتاريخ فيرجح الأسبق ولو ادعى رجل أن اللقيط ابنه وأقام البينة وادعت المرأة انه ابنها وأقامت البينة فهو بينهما لعدم التنافي بين ثبوت نسبه منهما كما إذا ادعاه رجلان بل أولى وعلى هذا غلام قد احتلم ادعى على رجل وامرأة انه ابنهما وأقام البينة وادعى رجل آخر وامرأته أن الغلام ابنهما وأقاما البينة ثبت نسب الغلام من الأب والام الذي ادعاه الغلام أنه ابنهما ويبطل النسب الذي أنكره الغلام لان البينتين تعارضتا وترجحت بينة الغلام بيده إذ هو في يد نفسه كالخارجين إذا أقاما البينة ولأحدهما يد كان صاحب اليد أولى كذا هنا وكذلك لو كان الغلام نصرانيا فأقام بينة من المسلمين على رجل نصراني وامرأة نصرانية وادعاه مسلم ومسلمة فبينة الغلام أولى ولا تترجح بينة المدعى المسلم لأنه لا يد له وإن كان مسلما وإن كان بينة الغلام من النصارى يقضى بالغلام للمسلم والمسلمة لان شهادة الكافر على المسلم غير مقبولة فالتحقت بالعدم فبقي مجرد الدعوة فلا تعارض البينة ويجبر الغلام على الاسلام غلام في
(٢٥٤)