الشرع ورد به في القسامة وجعله حقا مقصودا في نفسه تعظيما لأمر الدم وتفخيما لشأنه لكون اليمين الكاذبة مهلكة فصار بالنكول مانعا حقا مستحقا عليه مقصودا فيحبس حتى يقر أو يحلف بخلاف الأشياء السبعة فان الاستحلاف فيها للتوسل إلى استيفاء المقصود بالنكول وانه لا يقع وسيلة إلى هذا المقصود وعند هما النكول اقرار فيه شبهة العدم لأنه اقرار بطريق السكوت وانه محتمل والقصاص يدرأ بالشبهات وإذا سقط القصاص للشبهة يجب المال بخلاف شهادة النساء مع الرجال والشهادة على الشهادة انها لا تقبل في باب القصاص أصلا لأن التعذر هناك من جهة من له القصاص وهو عدم الاتيان بحجة مظهرة للحق وهي شهادة شهود أصول مذكور والتعذر هنا من جهة من عليه القصاص وهو عدم التنصيص على الاقرار والأصل ان القصاص إذا بطل من جهة من له القصاص لا تجب الدية وإذا بطل من جهة من عليه تجب الدية وأما في دعوى السرقة إذا حلف على المال ونكل يقضى بالمال لا بالقطع لان النكون حجة في الأموال دون الحدود الخالصة وأما في حد القذف إذا استحلف على ظاهر الرواية فكل يقضى بالحد في ظاهر الأقاويل لأنه بمنزلة القصاص في الطرف عند أبي حنيفة وعند هما بمنزلة التعزير وقال بعضهم هو بمنزلة سائر الحدود لا يقضى فيه بشئ ولا يحلف لأنه حد وقيل يحلف ويقضى فيه بالتعزير دون الحد كما في السرقة يحلف ويقضى بالمال دون القطع والله سبحانه وتعالى أعلم (فصل) وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه ويخرج عن كونه خصما للمدعى فنقول وبالله بالتوفيق انه يخرج عن كونه خصما للمدعى بكون يده غير يد المالك وذلك يعرف بالبينة أو بالاقرار أو بعلم القاضي نحو ما إذا ادعى على رجل دارا أو ثوبا أو دابة فقال الذي في يده هو ملك فلان الغائب أودعنيه وجملة الكلام فيه ان المدعى لا يخلو اما أن يدعى عليه ملكا مطلقا ولم يدع عليه فعلا أو يدعى عليه فعلا فان ادعى ملكا مطلقا ولم يدع عليه فعلا فقال الذي في يده أودعنيها فلان الغائب أو رهنها أو آجرها أو أعارها أو غصبتها أو سرقتها أو أخذتها أو انتزعتها أو ضلت منه فوجدتها وأقام البينة على ذلك تندفع عنه الخصومة عند عامة العلماء وقال ابن أبي ليلى تندفع عنه الخصومة أقام البينة أولم يقم وقال ابن شبرمة لا تندفع عنه الخصومة أقام البينة أولم يقم هذا إذا لم يكن الرجل معروفا بالافتعال والاحتيال فإن كان تندفع عنه الخصومة عند أبي حنيفة ومحمد أيضا وعند أبي يوسف لا تندفع وهي المسألة المعروفة بالمخمسة والحجج تعرف في الجامع وكذلك لو ادعى لنفسه والفعل على غير ذي اليد بأن قال هذا ملكي غصبه منى فلان لأنه لم يدع على ذي اليد فعلا فصار في حق ذي اليد دعوى مطلقة فكان على الخلاف الذي ذكرنا فاما إذا ادعى فعلا على ذي اليد بان قال هذه داري أو دابتي أو ثوبي أودعتكها أو غصبتنيها أو سرقتها أو استأجرتها أو ارتهنتها منى وقال الذي في يديه انها لفلان الغائب أودعنيها أو غصبتها منه ونحو ذلك وأقام البينة على ذلك لا تندفع عنه الخصومة ووجه الفرق ان ذا اليد في دعوى الملك المطلق إنما يكون خصما بيده ألا ترى انه لو لم يكن المدعى في يده لم يكن خصما فإذا قام البينة على أن اليد لغيره كان الخصم ذلك الغير وهو غائب فاما في دعوى الفعل فإنما يكون خصما بفعله لا بيده ألا ترى أن الخصومة متوجهة عليه بدون يده وإذا كان خصما بفعله بالبينة لا يتبين أن الفعل منه لم يكن فبقي خصما ولو ادعى فعلا لم يسم فاعله بان قال غصبت منى أو أخذت فأقام ذو اليد البينة على الايداع تندفع الخصومة لأنه ادعى الفعل على على مجهول وانه باطل فالتحق بالعدم فبقي دعوى ملك مطلق فتندفع الخصومة لأنه ادعى الفعل على مجهول وانه باطل فالتحق بالعدم فبقي دعوى ملك مطلق فتندفع الخصومة ولو قال سرق منى فالقياس ان تندفع الخصومة كما في الغصب والاخذ وهو قول محمد وزفر وفى الاستحسان لا تندفع فرقا بين الغصب والاخذ وهو قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله ووجه الفرق يعرف في الجامع ولو قال المدعى هذه الدار كانت لفلان فاشتريتها منه وقال الذي في يده أودعني فلان الذي ادعيت الشراء من جهته أو سرقتها منه أو غصبتها تندفع عنه الخصومة من غير إقامة البينة على ذلك لأنه ثبت كون يده يد غير بتصادقهما أما المدعى عليه فظاهر وأما المدعى فبدعواه الشراء منه لأن الشراء منه لا يصح بدون
(٢٣١)