خلق السماوات والأرض ليقولن الله فيعظمون اسم الله تعالى عز شأنه ويعتقدون حرمة الاله الا الدهرية والزناقة وأهل الإباحة وهؤلاء أقوام لم يتجاسروا على اظهار نحلتهم في عصر من الاعصار إلى يومنا هذا ونرجو من فضل الله عز وجل على أمة حبيبه صلى الله عليه سلم ان لا يقدرهم على اظهار ما انتحلوه إلى انقضاء الدنيا وان رأى القاضي ما يكون تغليظا في دينه فعل لما روينا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم غلظ على ابن صوريا دل ان كل ذلك سائغ فيغلظ على اليهودي بالله تعالى عز وجل الذي أنزل التوراة على سيد ناموسي عليه الصلاة والسلام وعلى النصراني بالله الذي أنزل الإنجيل على سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام وعلى المجوسي بالله الذي خلق النار ولا يحلف على الإشارة إلى مصحف معين بأن يقول بالله الذي أنزل هذا الإنجيل أو هذه التوراة لأنه قد ثبت تحريف بعضها فلا يؤمن أن تقع الإشارة إلى المحرف فيكون التحليف به تعظيما لما ليس بكلام الله عز وجل ولا يبعث هؤلاء إلى بيوت عبادتهم من البيعة والكنيسة وبيت النار لان فيه تعظيم هذه المواضع وكذا لا يجب تغليظ اليمين على المسلم بزمان ولامكان عندنا وقال الشافعي رحمه الله إن كان بالمدينة يحلف عند المنير وإن كان بمكة يحلف عند الميزاب ويحلف بعد العصر والصحيح قولنا لما روينا من الحديث المشهور وهو قوله عليه الصلاة والسلام البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه مطلقا عن الزمان والمكان وروى أنه اختصم زيد بن ثابت وابن مطيع في دار إلى مروان بن الحكم فقضى على زيد ابن ثابت باليمين عند المنبر فقال له زيدا حلف له مكاني فقال له مروان لا والله الا عند مقاطع الحقوق فجعل زيد يحلف ان حقه لحق وأبى ان يحلف عند المنبر لجعل مروان يعجب من ذلك ولو كان ذلك لا زمان لما احتمل ان يأباه زيد بن ثابت ولان تخصيص التحليف بمكان وزمان تعظيم غير اسم الله تبارك وتعالى وفيه معنى الاشراك في التعظيم والله عز وجل أعلم (وأما) بيان صفة المحلوف عليه انه على ماذا يحلف فنقول الدعوى لا تخلو اما إن كانت مطلقة عن سبب واما إن كانت مقيدة بسبب فإن كانت مطلقة عن سبب بان ادعى عبدا أو جارية أو أرضا وأنكر المدعى عليه فلا خلاف في أنه يحلف على الحكم وهو ما وقع عليه الدعوى فيقال بالله ما هذا العبد أو جارية أو الأرض لفلان هذا ولا شئ منه وإن كانت مقيدة بسبب بان ادعى انه أقرضه ألفا أو غصبه ألفا أو أودعه ألفا وأنكر المدعى عليه فقد اختلف أبو يوسف ومحمد في أنه يحلف على السبب أو على الحكم قال أبو يوسف يحلف على السبب بالله ما استقرضت منه ألفا أوما غصبته ألفا أوما أودعني ألفا الا ان يعرض المدعى عليه ولا يصرح فيقول قد يستقرض الانسان وقد يغصب وقد يودع ولا يكون عليه لما انه أبرأه عن ذلك أورد الوديعة وأنا لا أبين ذلك لئلا يلزمني شئ فحينئذ يحلف على الحكم وقال محمد يحلف على الحكم من الابتداء بالله ماله عليك هذه الألف التي ادعى (وجه) قول محمد ان التحليف على السبب تحليف على مالا يمكنه الحلف عليه عسى لجواز انه وجد منه السبب ثم ارتفع بالا براء أو بالرد فلا يمكنه الحلف على نفى السبب ويمكنه الحلف على نفى الحكم على كل حال فكان التحليف على الحكم أولى (وجه) قول أبى يوسف ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف اليهود بالله وفى باب القسامة على السبب فقال عليه الصلاة والسلام بالله ما قتلتموه ولا علمتم له قاتلا فيحب الاقتداء به ولان الداخل تحت الحلف ما هو الداخل تحت الدعوى والداخل تحت الدعوى في هذه الصورة مقصودا هو السبب فيحلف عليه فبعد ذلك ان أمكنه الحلف على السبب حلف عليه وان لم يمكنه وعرض فحينئذ يحلف على الحكم وعلى هذا الخلاف دعوى الشراء إذا أنكر المدعى عليه فعند أبي يوسف يحلف على السبب بالله عز وجل ما بعته هذا الشئ الا ان يعرض الخصم والتعريض في هذا أن يقول قد يبيع الرجل الشئ ثم يعود إليه بهبة أو فسخ أو إقالة أورد بعيب أو خيار شرط أو خيار رؤية وأنا لا أبين ذلك كي يلزمني شئ فحينئذ يحلف على الحكم بالله تعالى ما بينكما بيع قائم أو شراء قائم بهذا السبب الذي يدعى وهكذا يحلف على قول محمد وعلى هذا دعوى الطلاق بان ادعت امرأة على زوجها انه طلقها ثلاثا أو خالعها على كذا وأنكر الزوج ذلك يحلف على السبب عند أبي يوسف بالله عز وجل ما طلقها ثلاثا أوما خالعها الا ان يعرض الزوج فيقول الانسان قد يخالع
(٢٢٨)