لعفى فلا يجوز استيفاء القصاص مع قيام الشبهة وهذا المعنى منعدم حالة الحضرة وعند الشافعي رحمه الله يجوز وإن كان غائبا والكلام في الطرفين على نحو ما ذكرنا في حد القذف (وأما) التوكيل بحقوق العباد فنقول وبالله التوفيق حقوق العباد على نوعين نوع لا يجوز استيفاؤه مع الشبهة كالقصاص وقد مر حكم التوكيل باثباته وباستيفائه ونوع بجوز استيفاؤه وأخذه مع الشبهة كالديون والاعتاق وسائر الحقوق سوى القصاص فنقول لا خلاف انه يجوز التوكيل بالخصومة في اثبات الدين والعين وسائر الحقوق برضا الخصم حتى يلزم الخصم جواب التوكيل والأصل فيه ما روى عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما ان سيدنا عليا رضي الله عنه كان لا يحضر الخصومة وكان يقول إن لها لحما يحضرها الشياطين فجعل الخصومة إلى عقيل رضي الله عنه فلما كبر ورق حولها إلى وكان على يقول ما قضى لوكيلي فلي وما قضى على وكيلي فعلى ومعلوم أن سيدنا عليا رضي الله عنه لم يكن ممن لا يرضى أحد بتوكيله فكان توكيله برضا الخصم فدل على الجواز برضا الخصم واختلف في جوازه بغير رضا الخصم قال أبو حنيفة عليه الرحمة لا يجوز من غير عذر المرض والسفر وقال أبو يوسف ومحمد يجوز في الأحوال كلها وهو قول الشافعي رحمه الله وذكر الجصاص انه لا فصل في ظاهر الرواية بين الرجل والمرأة والبكر والثيب لكن المتأخرين من أصحابنا استحسنوا في المرأة إذا كانت محذرة غير بريزة فجوزوا توكيلها وهذا استحسان في موضعه وقال ابن أبي ليلى لا يجوز الا توكيل البكر وهذا غير سديد لما يذكر (وجه) قولهم إن التوكيل بالخصومة صادف حق الموكل فلا يقف على رضا الخصم كالتوكيل باستيفاء الدين ودلالة ذلك ان الدعوى حق المدعى والانكار حق المدعى عليه فقد صادف التوكيل من المدعى والمدعى عليه حق نفسه فلا يقف على رضا خصمه كما لو كان خاصمه بنفسه ولا بي حنيفة رحمه الله أن الحق هو الدعوى الصادقة والانكار الصادق ودعوى المدعى خبر يحتمل الصدق والكذب والسهو والغلط وكذا انكار المدعى عليه فلا يزداد الاحتمال في خبره بمعارضة خبر المدعى فلم يكن كل ذلك حقا فكان الأصل أن لا يلزم به جواب الا أن الشرع الزم الجواب لضرورة فصل الخصومات وقطع المنازعات المؤدية إلى الفساد واحياء الحقوق الميتة وحق الضرورة يصير مقضيا بجواب الموكل فلا تلزم الخصومة عن جواب الوكيل من غير ضرورة مع ما ان الناس في الخصومات على التفاوت بعضهم أشد خصومة من الآخر فربما يكون الوكيل الحن بحجته فيعجز من يخاصمه عن احياء حقه فيتضرر به فيشرط رضا الخصم ليكون لزوم الضرر مضافا إلى التزامه وإذا كان الموكل مريضا أو مسافرا فهو عاجز عن الدعوى وعن الجواب بنفسه فلو لم يملك النقل إلى غيره بالتوكيل لضاعت الحقوق وهلكت وهذا لا يجوز وكذلك إذا كانت المرأة مخدرة مستورة لأنها تستحيي عن الحضور لمحافل الرجال وعن الجواب بعد الخصومة بكرا كانت أو ثيبا فيضيع حقها (وأما) في مسألتنا فلا ضرورة ولو وكل بالخصومة واستثنى الاقرار وتزكية الشهود في عقد التوكيل بكلام منفصل جاز ويصير وكيلا بالانكار سواء كان التوكيل من الطالب أو من المطلوب في ظاهر الرواية وروى عن محمد أنه إذا وكل الطالب واستثنى الاقرار يجوز وان وكل المطلوب لا يجوز والصحيح جواب ظاهر الرواية لان استثناء الاقرار في عقد التوكيل إنما جاز لحاجة الموكل إليه لان الوكيل بالخصومة يملك الاقرار على موكله عند أصحابنا الثلاثة ولو أطلق التوكيل من غير استثناء لتضرر به الموكل وهذا المعنى لا يوجب الفصل بين التوكيل من الطالب والمطلوب لان كل واحد منهما يحتاج إلى التوكيل بالخصومة هذا إذا وكل الخصومة واستثنى الاقرار في العقد فاما إذا وكل مطلقا ثم استثنى الاقرار في كلام منفصل يصح عند أبي يوسف وعند محمد لا يصح (وأما) التوكيل بالاقرار فذكر في الأصل انه يجمز وذكر الطحاوي انه لا يجوز ويجوز التوكيل بالخصومة من المضارب والشريك شركة العنان والمفاوضة والعبد المأذون والمكاتب لأنهم يملكون الخصومة بأنفسهم فيملكون تفويضها إلى غيرهم بالتوكيل ويجوز من الذمي كما يجوز من المسلم لان حقوقهم مصونة مرعية عن الضياع كحقوقنا ويجوز التوكيل بقبض الدين لان الموكل قد لا يقدر على الاستيفاء بنفسه فيحتاج
(٢٢)