المطلوب من الوكيل بالخصومة الاهتداء ومن الوكيل بالقبض الأمانة وليس كل من يهتدى إلى شئ يؤتمن عليه فلا يكون التوكيل بالخصومة توكيلا بالقبض (ولنا) أنه لما وكله بالخصومة في مال فقد ائتمنه على قبضه لان الخصومة فيه لا تنتهى الا بالقبض فكان التوكيل بها توكيلا بالقبض والوكيل بتقاضي الدين يملك القبض في ظاهر الرواية لان حق التقاضي لا ينقطع الا بالقبض فكان التوكيل به توكيلا بالقبض ولان التقاضي والاقتضاء والاستيفاء واحد الا ان المتأخرين من أصحابنا قالوا إنه لا يملك في عرف ديارنا لان الناس في زماننا لا يرضون بقبض المتقاضي كالوكلاء على أبواب القضاة لتهمة الخيانة في أموال الناس والوكيل بقبض الدين يملك الخصومة في اثبات الدين إذا أنكر الغريم عند أبي حنيفة وعندهما لا يملك وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة أيضا فيملك إقامة البينة وكذا لو أقام المدعى عليه البينة ان صاحب الدين استوفى منه أو أبراه عنه قبلت بينته عنده وعندهما لا تقبل ولا يملك وأجمعوا في الوكيل بقبض العين إذا أنكر من في يده أنه لا يملك الخصومة حتى لا يملك إقامة البينة ولو أقام المدعى عليه البينة انه اشترها من الذي وكله بالقبض لا تسمع منه بينته في اثبات الشراء ولكنها تسمع لدفع خصومة الوكيل في الحال إلى أن يحضر الموكل وقالوا في الوكيل بطلب الشفعة وبالرد بالعيب وبالقسمة انه يملك الخصومة (وجه) قولهما أن التوكيل بقبض الدين توكيل باستيفاء عن الحق فلا يتعدى إلى الخصومة كالتوكيل بقبض العين لأبي حنيفة أن التوكيل بقبض الدين توكيل بالمبادلة والحقوق في مبادلة المال بالمال تتعلق بالعاقد كما في البيع والإجارة ودلالة ذلك أن استيفاء عين الدين لا يتصور لان الدين اما أن يكون عبارة عن الفعل وهو فعل تسليم المال واما أن يكون عبارة عن مال حكمي في الذمة وكل ذلك لا يتصور استيفاؤه ولكن استيفاء الدين عبارة عن نوع مبادلة وهو مبادلة المأخوذ العين بما في ذمة الغريم وتمليكه بهذا القدر المأخوذ من المال فأشبه البيع والخصومة في حقوق مبادلة المال بالمال فيملكه الوكيل بخلاف الوكيل بقبض الثمن لا ن ذلك توكيل باستيفاء عين الحق لا بالمبادلة لان عينه مقدور الاستيفاء فلا يملك الخصومة فيها الا بأمر جديد فهو الفرق بين الفصلين فإذا لم يملك الخصومة لا تسمع بينة المدعى عليه على الشراء من الموكل بالقبض لأنها بينة قامت لا على خصم ولكنها تسمع في دفع قبض الوكيل ونجوز أن تكون البينة مسموعة من وجه دون وجه كمن وكل انسانا بنقل زوجته إلى حيث هو فطالبها الوكيل بالانتقال فأقامت البينة على أن زوجها طلقها ثلاثا تسمع هذه البينة في اندفاع حق الوكيل في النقل ولا تسمع في اثبات الحرمة كذا هذا و كذلك الوكيل بأخذ الدار بالشفعة وكيل بالمبادلة لان الاخذ بالشفعة بمنزلة الشراء وكذا الرد بالعيب والقسمة فيها معنى المبادلة فكانت الخصومة فيها من حقوقها فيملكها الوكيل كالوكيل بالبيع والوكيل بالقبض إذا أراد أن يوكل غيره هذا على وجهين (اما) إن كانت الوكالة عامة بأن قال له وقت التوكيل بالقبض اصنع ما شئت أو ما صنعت من شئ فهو جائز على أو نحو ذلك (وأما) إن كانت خاصة بان لم يقل ذلك عند التوكيل بالقبض فإن كانت عامة بملك أن يوكل غيره بالقبض لان الأصل فيما يخرج مخرج العموم اجراؤه على عمومه وإن كانت خاصة فليس له أن يوكل غيره بالقبض لان الوكيل يتصرف بتفويض الموكل فيملك قدر ما فوض إليه فان فعل ذلك وقبض الوكيل الثاني لم يبرأ الغريم من الدين لان توكيله بالقبض إذا لم يصح فقبضه وقبض الأجنبي سواء فان وصل إلى يد الوكيل الأول برئ الغريم لأنه وصل إلى يدمن هو نائب الموكل في القبض وان هلك في يده قبل أن يصل إلى الوكيل الأول ضمن القابض للغريم لان قبضه بجهة استيفاء الدين والقبض بجهة استيفاء الدين قبض بجهة المبادلة على ما مر والمقبوض بجهة المبادلة مضمون على القابض كالمقبوض على سوم الشراء وكان له أن يرجع بما ضمن على الوكيل الأول لأنه صار مغرورا من جهته بتوكيله بالقبض فيرجع عليه إذ كل غار ضامن للمغرور بما لحقه من العهدة فيرجع عليه بضمان الكفالة ولا يبرأ الغريم من الدين لما قلنا إن توكيله بالقبض لم يصح فكان للطالب أن يأخذ الغريم بدينه وإذا أخذ منه رجع الغريم على الوكيل الثاني لما قلنا ويرجع الوكيل الثاني على الأول بحكم الغرور لما قلنا إن الوكيل بقبض الدين للموكل على أسنان معين أو في بلد
(٢٥)