أو أطعم الله تعالى منه من ربح فهو بيننا على كذا من نصف أو ربع أو ثلث أو غير ذلك من الاجزاء المعلومة وكذا إذا قال مقارضة أو معاملة ويقول المضارب أخذت أو رضيت أو قبلت ونحو ذلك فيتم الركن بينهما اما لفظ المضاربة فصريح مأخوذ من الضرب في الأرض وهو السير فيها سمى هذا العقد مضاربة لان المضارب يسير في الأرض ويسعى فيها لابتغاء الفضل وكذا لفظ المقارضة صريح في عرف أهل المدينة لأنهم يسمون المضاربة مقارضة كما يسمون الإجارة بيعا ولان المقارضة مأخوذة من القرض وهو القطع سميت المضاربة مقارضة لما ان رب المال يقطع يده عن رأس المال ويجعله في يد المضارب والمعاملة لفظ يشتمل على البيع والشراء وهذا معنى هذا العقد ولو قال خذ هذا الال واعمل به على أن ما رزق الله عز وجل من شئ فهو بيننا على كذا ولم يزد على هذا فهو جائز لأنه أتى بلفظ يؤدى معنى هذا العقد والعبرة في العقود لمعانيها لا لصور الألفاظ حتى ينعقد البيع بلفظ التمليك بلا خلاف وينعقد النكاح بلفظ البيع والهبة والتملك عندنا وذكر في الأصل لو قال خذ هذه الألف فابتع بها متاعا فما كان من فضل فلك النصف ولم يزد على هذا فقبل هذا كان مضاربة استحسانا والقياس ان لا يكون مضاربة (وجه) القياس انه ذكر الشراء ولم يذكر البيع ولا يتحقق معنى المضاربة الا بالشراء والبيع (وجه) الاستحسان انه ذكر الفضل ولا يحصل الفضل الا بالشراء والبيع فكان ذكر الابتياع ذكرا للبيع وهذا معنى المضاربة ولو قال خذ هذه الألف بالنصف ولم يزد عليه كان مضاربة استحسانا والقياس أن لا يكون لأنه لم يذكر الشراء والبيع فلا يتحقق معنى المضاربة (وجه) الاستحسان انه لما ذكر الاخذ والاخذ ليس عملا يستحق به العوض وإنما يستحق بالعمل في المأخوذ وهو الشراء والبيع فتضمن ذكره الشراء والبيع وقال خذ هذا المال فاشتر به هو يا بالنصف أو رقيقا بالنصف ولم يد على هذا شيئا فاشترى كما أمر فهذا فاسد وللمشتري أجر مثل عمله فيما اشترى وليس له أن يبيع ما اشترى الا بأمر رب المال لأنه ذكر الشراء ولم يذكر البيع ولا ذكر ما يوجب ذكر البيع ليحمل على المضاربة فحمل على الاستئجار على الشراء بأجر مجهول وذلك فاسد فإذا اشترى كما أمره فالمستأجر استوفى منافعه بعقد فاسد فاستحق اجر مثل عمله وليس له أن يبيع ما اشترى من غير اذن الآمر لأنه أمره بالشراء لا بالبيع فكان المشترى له فلا يجوز بيعه من غير اذنه فان باع منه شيئا لا ينفذ بيعه من غير إجازة رب المال ويضمن قيمته ان لم يقدر على عينه لأنه صار متلفا مال الغير بغير اذنه وان أجاز رب المال البيع والمتاع قائم جاز والثمن لرب المال لأن عدم الجواز لحقه فإذا أجاز فقد زال المانع وكذلك لو كان لا يدرى حاله انه قائم أو هالك فأجاز لان الأصل هو بقاء المبيع حتى يعلم هلاكه وإنما شرط قيام المبيع لأنه شرط صحة الإجازة لما عرف ان مالا يكون محلالا نشاء العقد عليه لا يكون محلا لإجازة العقد فيه وان علم أنه هلك فالإجازة باطلة لما ذكرناه وروى بشر عن أبي يوسف في رجل دفع إلى رجل ألف درهم ليشترى بها ويبيع فما ربح فهو بينهما فهذه مضاربة ولا ضمان على المدفوع إليه المال ما لم يخالف لأنه لم ذكر الشراء والبيع فقد أتى بمعنى المضاربة وكذلك لو شرط عليه ان الوضيعة على وعليك فهذه مضاربة والربح بينهما والوضيعة على رب المال لان شرط الوضيعة على المضارب شرط فاسد فيبطل الشرط وتبقى المشاربة وروى عن علي بن الجعد عن أبي يوسف لوان رجلا دفع إلى رجل ألف درهم ولم يقل مضاربة ولا بضاعة ولا قرضا ولا شركة وأقل ما ربحت فهو بيننا فهذه مضاربة لان الربح لا يصحل الا بالشراء والبيع فكان ذكر البرح ذكرا للشراء والبيع وهذا معنى المضاربة ولو قال خذ هذه الألف على أن لك نصف الربح أو ثلثه ولم يزد على هذا فالمضاربة جائزة قياسا واستحسانا وللمضارب ما شرط وما بقي فلرب المال والأصل في جنس هذه المسائل ان رب المال إنما يستحق الربح لأنه نماء ماله لا بالشرط فلا يفتقر استحقاقه إلى الشرط بدليل انه إذا فسد الشرط كان جميع الربح له والمضارب لا يستحق الا بالشرط لأنه إنما يستحق بمقابلة عمله والعمل لا يتقوم الا بالعقد إذا عرف هذه فنقول في هذه المسألة إذا سمى للمضارب جزأ معلوما من الربح فقد وجد في حقه ما يفتقر إلى استحقاقه الربح فيستحقه والباقي يستحقه رب المال بماله ولو قال خذ هذا المال
(٨٠)