عز وجل أعلم (وأما) الشركة بالاعمال فأما العنان منها فلكل واحد منهما أن يتقبل العمل ومتى تقبل يجب عليه وعلى شريكه لان كل واحد منهما بعقد الشركة أذن لصاحبه بتقبل العمل عليه فصار وكيله فيه كأنه تقبل العمل بنفسه ولصاحب العمل أن يطالب بالعمل أيهما شاء لوجوبه على كل واحد منهما ولكل واحد منهما أن يطالب صاحب العمل بكل الأجرة لا قد لزمه كل العمل فكان له المطالبة بكل الأجرة وإلى أيهما دفع صاحب العمل برئ لأنه دفع إلى من أمر بالدفع إليه وعلى أيهما وجب ضمان العمل وهو جناية يده كان لصاحب العمل أن يطالب الاخر به استحسانا كذا روى بشر عن أبي يوسف عن أبي حنيفة رضي الله عنهم أنه قال إذا جنت يد أحدهما فالضمان عليهما جميعا يأخذ صاحب العمل أيهما شاء بجميع ذلك والقياس أن لا يكون له ذلك (وجه) القياس ظاهر لأن هذه شركة عنان لا شركة مفاوضة وحكم الشرع في شركة العنان أن ما يلزم كل واحد منهما بعقده لا يطالب به الآخر (وجه) الاستحسان ان هذه شركة ضمان في حق وجوب العمل لان العمل الذي يتقبله أحدهما يجب على الآخر حتى يستحق الاجر به فإذا كانت هذه الشركة مقتضية وجوب العمل على كل واحد منهما كانت مقتضية وجوب ضمان العمل فكانت في معنى المفاوضة في حق وجوب الضمان وان لم تكن مفاوضة حقيقة حتى قالوا في الدين إذا أقر أحدهما بثمن صابون أو اشنان أو غيرهما انه لا يصدق على صاحبه إذا كان المبيع مستهلكا الا باقراره أو بالبينة كذا إذا أقر أحدهما باجر أجير أو حانوت بعد مضى هذه الإجارة وإن كان المبيع لم يستهلك ومدة الإجارة لم تمض لزمهما جميعا باقراره وان جحده شريكه كما في شركة العنان فدل انه ليس لها حكم المفاوضة من جميع الوجوه بل من الوجه الذي بينا خاصة وقال أبو يوسف إذا دعى على أحدهما ثوبا عند هما فأقر به أحدهما وجحد الآخر جاز الاقرار على الآخر ويدفع الثوب ويأخذ الأجرة قال وهذا استحسان وليس بقياس لأنهما ليسا بمتفاوضين حتى يصدق كل واحد منهما على صاحبه بل هما شريكان شركة عنان فلا ينفذ اقراره على صاحبه فيما في يد صاحبه كشريكي العنان في المال إذا أقر أحدهما بثبوت من شركتهما وجحد الآخر انه لا ينقذ اقراره على صاحبه في نصيبه كذا هذا وقد روى ابن سماعة عن محمد انه أخذ بالقياس في هذه المسألة وقال ينفذ اقراره في النصف الذي في يده ولا ينفذ في النصف الذي في يد الشريك (ووجهه) ما ذكرنا أن الشئ في أيديهما والشركة شركة عنان وأحد شريكي العنان إذا أقر بثوب في أيديهما لا ينفذ على صاحبه وإنما استحسنا والحقناها بالمفاوضة فيحق وجوب العمل والمطالبة بالأجرة في حق وجوب ضمان العمل فبقي الامر فيما وراء ذلك على أصل القياس (وجه) الاستحسان لأبي يوسف انه لما ظهر حكم المفاوضة في هذه الشركة في حق ضمان العمل وهو وجوبه حتى لزم كل واحد منهما كل العمل وجب له المطالبة بكل الأجرة وعليه بكل العمل ولزمه ضمان ما حدث على شريكه يظهر في محل العمل أيضا فينفذ اقراره بحمل العمل على صاحبه وان عمل أحدهما دون الآخر بان مرض أو سافر أو بطل فالاجر بينهما على ما شرطا لان الاجر في هذه الشركة إنما يستحق بضمان العمل لا بالعمل لان العمل قد يكون منه وقد يكون من غيره كالقصار والخياط إذا استعان برجل على القصارة والخياطة انه يستحق الاجر وان لم يعمل لوجود ضمان العمل منه وههنا شرط العلم عليهما فإذا عمل أحدهما يصير الشريك القابل عاملا لنفسه في النصف ولشريكه في النصف الآخر ويجوز شرط التفاضل في الكسب إذا شرط التفاضل في الضمان بان شرطا لأحدهما ثلثي الكسب وهو الاجر وللآخر الثلث وشرطا العمل عليهما كذلك سواء عمل الذي شرط له الفضل أولم يعمل بعد أن شرطا العمل عليهما لان استحقاق الأجرة في هذه الشركة بالضمان لا بالعمل بدليل انه لو عمل أحدهما استحق الآخر الاجر وإذا كان استحقاق أصل الاجر بأصل ضمان لا بالعمل كان استحقاق زيادة الاجر بزيادة الضمان لا بزيادة العمل وحكى عن الكرخي انه علل في هذه المسألة فقال المنافع لا تتقوم الا بالعقد والشريك قد قومها بمقدار ما شرط لنفسه فلا يستحق الزيادة عليه وهذا يشير إلى أن الاستحقاق بالعمل ورد عليه الجصاص وقال وهذا لا يصح بدليل انه لو شرط فضل الاجر لاقلهما عملا بان شرطا ثلثا الأجرة له جاز فدل
(٧٦)