وإن تحاكما في الصداق أو أسلما وتحاكما، فإن كان قد أصدقها صداقا صحيحا حكم بصحته، وإن أصدقها صداقا فاسدا كالخمر والخنزير، فإن كانت قد قبضت جميعه في الشرك فقد سقط عنه جميعه وبرئت ذمته من الصداق، لان ما قبض في الشرك لا يجوز نقضه لما ذكرناه من الآية، ولقوله تعالى (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) الآية.
وإن كانت لم تقبض شيئا حكم الحاكم بفساد المسمى، وأوجب لها مهر مثلها من نقد البلد. وقال أبو حنيفة: لا يحكم لها إلا بما سمى لها. دليلنا أنه لا يمكن أن يحكم عليها بتسليم المسمى لفساده فحكم لها بمهر صحيح. وإن قبضت بعضه في حال الشرك وبقى البعض سقط من المهر بقسط ما قبضته من المسمى، ووجب لها مهر المثل بقسط ما تقبضه من المسمى، لأنها لو قبضت الجميع لم يحكم لها بشئ، ولو لم تقبض شيئا لحكم لها بمهر مثلها، فإذا قبضت البعض وبقى البعض فيقسط مهر المثل على المقبوض وعلى ما لم تقبض.
إذا ثبت هذا فإن كان أصدقها عشرة أزقاق خمر فقبضت منها بعضها فإن كان ت متساوية لا يفضل بعضها على بعض قسم المهر على أعدادها، فان قبضت خمسة سقط عنه نصف المهر ووجب لها نصف مهر مثلها، وإن كانت مختلفة ففيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبي إسحاق أن المهر يقسط على أعدادها، لأنه لا قيمة للخمر، فاستوى الصغير والكبير.
(والثاني) يقسط على كيلها. قال ابن الصباغ: وهو الاقيس، لأنه لا يمكن اعتبار كيلها، وإن أصدقها عشرة خنازير أو عشرة كلاب وقبضت خمسة ففيه ثلاثة أوجه. قال أبو إسحاق يعتبر بالعدد، سواء في ذلك الصغير والكبير فيسقط نصف المهر ويجب لها نصف مهر مثلها، لان الجميع لا قيمة له، فكان الجميع واحدا (والثاني) يعتبر التفاوت فيها، فيضم صغيران ويجعلان بإزاء كبير أو صغير ويجعلان بإزاء وسطين، ويقسط المهر على ذلك (والثالث) وهو قول أبى العباس بن صريح أنه يقال: لو كانت هذه الخنازير أو الكلاب مما يجوز بيعها كم كانت قيمتها فيقسط المهر على ذلك، لأنه لا يمكن اعتبارها بأنفسها، فاعتبرت بغيرها كما قلنا في الجناية على الحر التي لا أرش لهما