المبيع ارتفع التقرير، وإن كان الصداق مؤجلا فطلب الزوج تسليمه إليه قبل حلول الأجل لم يكن لها أن تمتنع، فإن امتنعت أجبرت لأنها رضيت بتأخير حقها إلى الأجل فلم يكن لها الامتناع من التسليم كما لو باع سلعة بثمن مؤجل فليس له الامتناع من تسليمها قبل حلول الأجل، فإن تأخر تسليمها لنفسها حتى حل الأجل فهل لها الامتناع من تسليمها إلى أن تقبض الصداق؟ فيه وجهان، قال الشيخ أبو حامد: ليس لها أن تمتنع لان التسليم مستحق عليها قبل المحل فلم يسقط ما وجب عليها بحلول دينها.
وقال القاضي أبو الطيب: لها أن تمتنع، وقد ذكر المزني في المنثور أنه إذا باع سلعه بثمن مؤجل فلم يقبض السلعة حتى حل الأجل فإن للبائع الامتناع من تسليم السلعة حتى يقبض الثمن، ووجهه أن لها المطالبة بالمهر فكان لها الامتناع كما لو كانت حالا، وإن كان بعض الصداق مؤجلا وبعضه حالا فلها أن تمتنع من تسليم نفسها حتى تقبض المؤجل كما لو كان جميعه مؤجلا.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) فإن كان الصداق عينا لم تملك التصرف فيه قبل القبض كالمبيع، وإن كان دينا فعلى القولين في الثمن، وإن كان عينا فهلكت قبل القبض هلك من ضمان الزوج كما يهلك المبيع قبل القبض من ضمان البائع، وهل ترجع إلى مهر المثل، أو إلى بدل العين، فيه قولان.
قال في القديم: ترجع إلى بدل العين لأنه عين يجب تسليمها لا يسقط الحق بتلفها، فوجب الرجوع إلى بدلها كالمغصوب، فعلى هذا إن كان مما له مثل وجب مثله وان لم يكن له مثل وجبت قيمته أكثر ما كانت من حين العقد إلى أن تلف كالمغصوب، ومن أصحابنا من قال: تجب قيمته يوم التلف، لأنه وقت الفوات والصحيح هو الأول، لان هذا يبطل بالمغصوب.
وقال في الجديد: ترجع إلى مهر المثل لأنه عوض معين تلف قبل القبض وتعذر الرجوع إلى المعوض، فوجب الرجوع إلى بدل المعوض كما لو اشترى ثوبا بعبد فقبض الثوب ولم يسلم العبد وتلف عنده، فإنه يجب قيمة الثوب،