لأنا أقررناه عليه (والثالث) لا يقبل منه إلا الاسلام وهو الصحيح، لأنه اعترف ببطلان كل دين سوى دينه، ثم بالانتقال عنه اعترف ببطلانه، فلم يبق إلا الاسلام، وإن انتقل الكتابي إلى دين يقر أهله عليه ففيه قولان.
(أحدهما) يقر عليه، لأنه دين يقر أهله عليه فأقر عليه كالاسلام.
(والثاني) لا يقر عليه لقوله عز وجل (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه) فعلى هذا فيما يقبل منه قولان. أحدهما: يقبل منه الاسلام أو الدين الذي كان عليه، والثاني: لا يقبل منه إلا الاسلام لما ذكرناه. وكل من أنتقل من الكفار إلى دين لا يقر عليه فحكمه في بطلان نكاحه حكم المسلم إذا ارتد.
(فصل) وان تزوج كتابي وثنية ففيه وجهان. أحدهما وهو قول أبي سعيد الإصطخري: أنه لا يقر عليه لان كل نكاح لم يقر عليه المسلم لم يقر عليه الذمي كنكاح المرتدة. والثاني: وهو المذهب أنه يقر عليه لان كل نكاح أقر عليه بعد الاسلام أقر عليه قبله كنكاح الكتابية.
(الشرح) إذا تزوج مرتدة من غيره، فان أسلما قبل انقضاء عدتها من الأول لم يقرا على النكاح لأنه لا يجوز له ابتداء نكاحها فلم يجز إقراره عليه كذوات محارمه، وإن أسلما بعد انقضاء عدتها من الأول أقرا على النكاح لأنه لا يجوز له ابتداء نكاحها فأقرا عليه.
(فرع) إذا نكح مشرك مشركة نكاح متعة ثم أسلما لم يقرا عليه لأنهما ان أسلما قبل انقضاء المدة التي شرطها فهما لا يعتقدان لزومه الآن بعد انقضائها وإن أسلما بعد انقضائها فهما لا يعتقدان لزومه.
قال الشافعي رضي الله عنه: فان أبطلا بعد العقد المتعة وجعلا العقد مطلقا لم يؤثر ذلك، لأنه حالما عقداه كانا يعتقدان أنه لا يدوم بينهما فلم يتغير ذلك الحكم بما طرأ من الشرط، وهكذا لو تزوجها على أن لهما أو لأحدهما الخيار في فسخ النكاح متى شاء ثم أسلم لم يجز إقرارهما عليه، لأنهما لا يعتقدان لزومه، فان اتفقا على إسقاط الشرط لم يؤثر ذلك، ولم يقرا عليه لما ذكرناه، وان شرطا بينهما خيار ثلاثة أيام، فإن أسلما قبل الثلاث لم يقرا عليه، لأنهما لا يعتقدان لزومه، وان أسلما بعد الثلاث أقرا عليه لأنهما يعتقدان لزومه.