وأما الخبر فمحمول على أنه كنى عن الجماع بكشف النقاب، وما روى عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فقد روينا عن ابن عباس وابن مسعود خلاف ذلك، فإذا قلنا بقوله الجديد فوطئها فيما دون الفرج فسق الماء إلى فرجها وجبت عليها العدة وجها واحدا، لان رحمها قد صار مشغولا بمائه، وإن أتت من ذلك بولد لحقه نسبه، وهل يستقر بذلك صداقها، فيه وجهان.
(أحدهما) يستقر، لان رحمها قد صار مشغولا بمائه فهو كما لو وطئها.
(والثاني) لا يستقر به المهر لأنه لم يوجد الجماع التام فهو كما لو لم يسبق إلى فرجها ماؤه، ولو استدخلت المرأة ماء غير ماء زوجها وظنته ماء زوجها لم يثبت له حكم من الأحكام لان الشبهة تعتبر في الرجل.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وإن وقعت فرقة بعد الدخول لم يسقط من الصداق شئ لأنه استقر فلم يسقط، فإن أصدقها سورة من القرآن وطلقها بعد الدخول وقبل أن يعلمها ففيه وجهان.
(أحدهما) يعلمها من وراء حجاب كما يستمع منها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(والثاني) لا يجوز أن يعلمها لأنه لا يؤمن الافتتان بها ويخالف الحديث، فإنه ليس له بدل، فلو منعناه من سماعه منها أدى إلى إضاعته، وفى الصداق لا يؤدى إلى ابطاله، لان في قوله الجديد ترجع إلى مهر المثل، وفى قوله القديم ترجع إلى أجرة التعليم، وإن وقعت الفرقة قبل الدخول نظرت فإن كانت بسبب من جهة المرأة، بأن أسلمت أو ارتدت أو أرضعت من ينفسخ النكاح برضاعه سقط مهرها لأنها أتلفت المعوض قبل التسليم، فسقط البدل كالبائع إذا أتلف المبيع قبل التسليم، وإن كانت بسبب من جهته نظرت فإن كان بطلاق سقط نصف المسمى لقوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) وإن كان باسلامه أو بردته سقط نصفه، لأنه فرقة انفرد الزوج بسببها قبل الدخول، فتنصف بها المهر