وهذا لا خلاف فيه، وان أصدقها تعليم سورة من القرآن ودخل بها ثم طلقها قبل أن يعلمها فإن كان الصداق تحصيل التعليم لم يتعذر ذلك بسبب الطلاق بل يستأجر لها امرأة أو محرما لها ليعلمها، وإن كان الصداق على أن يعلمها بنفسه ففيه وجهان.
(أحدهما) أن التعليم لا يتعذر بذلك، بل يعلمها من وراء حجاب كما يجوز أن يسمع أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء حجاب، وقد ثبت أن كثيرا من روايات الحديث وحافظاته يسمعهن الأجانب عنهن من وراء حجاب وقد كان أبو الشعثاء جابر بن زيد يسأل عائشة من وراء حجاب وكان يسألها عن أخص أحوال النبي صلى الله عليه وسلم حتى في جماعه وكانت رضي الله عنها تخجل حتى ليحمر وجهها كما يقول عروة ابن أختها، وهي تقول: سل يا إبناه ومن هؤلاء الراويات أمة الواحد بنت يامين والدة يحيى بن بشير وأمية بنت عبد الله وبهسة الفزارية وحميدة راوية أم سلمة وخيرة أم الحسن البصري وزينب بنت معاوية زوج ابن مسعود وراويته والعالية بنت سويد وثقها العجلي وعمرة بنت قيس عن عائشة روى عنها جعفر بن كيسان في صحيح ابن خزيمة، وأم القلوص عن عائشة وعنها المتوكل بن الفضل في الدارقطني وهن لا يحصين.
(والثاني) أن تعليمه لها قد تعذر لأنه يخاف عليهما الافتتان، ويخالف سماع الاخبار لأنا لو لم نجز ذلك لضاع ما عندها من الاخبار، فإذا قلنا بهذا كان كما لو تلف الصداق قبل القبض فيرجع في قوله الجديد إلى مهر مثلها، وفى قوله القديم إلى أجرة التعليم، وان وقعت الفرقة بينهما قبل الدخول نظرت، فإن كانت بسبب من جهتها بأن أسلمت أو ارتدت أو أرضعته أو أرضعت زوجة له صغيرة أو وجد أحدهما بالآخر عيبا ففسخ النكاح سقط جميع المهر لان والبضع تلف قبل الدخول بسبب من جهتها، فسقط ما نقابله كالمبيع إذا تلف قبل القبض، وإن كان بسبب من جهة الزوج بأن طلقها سقط عنه نصف المسمى أن كانت لم تقبضه، ووجب عليها رد نصفه إن كانت قبضته لقوله تعالى (وان طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم)