وهكذا إن أسلم أو ارتد فحكمه حكم الطلاق، لان الفرقة من جهته فهو كالطلاق وإن كانت الفرقة بسبب منهما نظرت فإن كانت بخلع فحكمه حكم الطلاق لان المغلب فيه جهة الزوج بدليل أنه يصح خلعه مع الأجنبي، وإن كان بردة منهما بأن ارتدا معا في حالة واحدة ففيه وجهان.
(أحدهما) حكمه حكم الطلاق لان حال الزوج في النكاح إذا خالع زوجته بعد الدخول بها ثم تزوجها ثانيا في العدة ثم طلقها قبل أن يدخل بها يتنصف المسمى. وقال أبو حنيفة: لا يتنصف بل يبقى حقها في الجميع كما كان. دليلنا ظاهر الآية (فنصف ما فرضتم) ولان الوطئ الموجود في النكاح الأول يقابله المهر الأول، فلو قلنا: لا يتنصف المهر في النكاح الثاني لصار ذلك الوطئ مؤثرا أقوى في تقرير المهرين، والتسليم الواحد لا يقابل بدلين وعلى هذا الخلاف لو وطئ امرأة بالشبهة أو أعتق أم ولده ونكحها ثم طلقها ينصف المهر عندنا، وعند أبي حنيفة لا ينصف ويجعل دوام شغل الرحم كالوطئ في تقرير المهر كله وتخالف هذه المسألة المخالعة حيث غلبنا جانب الزوج لان الزوج يتصور منه أن ينفرد بالمخالعة عنها بأن تخالع مع أجنبي والمرأة لا يتصور منها الانفراد بالمخالعة عن الزوج فيترجح جانب الزوج، وههنا في المبايعة سواء رجحنا أحد الجانبين بالاستدعاء كما في الحرة إذا قتلت نفسها أو قتلت وليها قبل الدخول أنه لا يسقط شئ من المهر.
واختلف أصحابنا فيهما فذهب أبو العباس بن سريج وبعض أصحابنا إلى أن فيهما قولين (أحدهما) يسقط مهرها، لان النكاح انفسخ بسبب من جهتها، فهو كما لو ارتدت (والثاني) لا يسقط وهو الأصح لأنها فرقة حصلت بانقضاء أجلها فهو كما لو ماتت، وذهب أبو إسحاق المروزي وبعض أصحابنا إلى أنها على قولين على ظاهرهما، ففي الأمة يسقط، وفى الحرة لا يسقط، لان الحرة مسلمة لنفسها في العقد، ولهذا لا يجوز لها السفر بغير إذن الزوج، والأمة غير مسلمة لنفسها ولهذا يجوز السفر بها بغير إذن زوجها، لان الزوج للحرة يغنم ميراثها فجاز أن يغرم مهرها، وزوج الأمة لا يغنم ميراثها فلم يغرم مهرها، فإذا قلنا: يسقط