لقوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) وهذه قد طلقها قبل أن يمسها، وقال تعالى (وكيف تأخذونه وند أفضى بعضكم إلى بعض) ثم قال: ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم. روى الإمام أحمد والأثرم بإسنادهما عن زرارة بن أبي أوفى قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة. ورواه أيضا عن الأحنف عن عمر وعلى وعن سعيد بن المسيب وعن زيد بن ثابت:
عليها العدة ولها الصداق كاملا، وهذه قضايا تشتهر ولم يخالفهم أحد في عصرهم فكان إجماعا. وما رووه عن ابن عباس لا يصح. قال أحمد: يرويه ليث وليس بالقوى، وقد رواه حنظلة خلاف ما رواه ليث، وحنظلة أقوى من ليث، وحديث ابن مسعود منقطع. قاله ابن المنذر اه قلت: لما كان الشافعي رضي الله عنه قولاه القديم والجديد، فإن من أصحابنا من قال: مذهب الشافعي في القديم في الخلوة كقول مالك في أنه يرجح بها قول من ادعى الإصابة لا غير، إلا أنه لا فرق عندنا على هذا بين أن يخلو بها في بيته أو في بيت أبيها أو أمها.
ومنهم من قال: مذهب الشافعي في الجديد كقول أبي حنيفة وهو المنصوص في القديم فإذا قلنا بهذا فوجهه ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من كشف عن قناع امرأة فقد وجب عليه المهر) وروى عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إذا أغلق الباب وأرخى الستر فقد وجب المهر. ما ذنبهن ان جاء العجز من قبلكم، ولأنه عقد على المنفعة فكان التمكين منها كالاستيفاء في تقرير البدل كالإجارة وإذا قلنا بقوله الجديد قال العمراني وأكثر الأصحاب، وهو الأصح، فوجهه قوله تعالى (وان طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) ولم يفرق بين أن يخلو بها أو لا يخلو بها، ولان الخلوة لو كانت كالإصابة في تقرير المهر ووجوب العدة لكانت كالإصابة في وجوب مهر المثل في الشبهة.