عاقلة رشيدة سلم المهر إليها أو إلى وكيلها، وليس لوليها قبضه بغير إذنها. ومن أصحابنا من قال: إذا قلنا إن الذي بيده عقدة النكاح هو الأب والجد جاز له أن يقبض المهر بغير إذنها لأنه إذا جاز له العفو عنه فلان يجوز له قبضه أولى، والأول أصح، لأنه إنما يجوز له العفو على هذا القول عن مهر الصغيرة أو المجنونة فأما الكبيرة العاقلة فليس له العفو عن مهرها بلا خلاف، هذا مذهبنا. وقال أبو حنيفة إن كانت المنكوحة ثيبا لم يكن له قبض صداقها بغير اذنها، وإن كانت بكرا فله قبض صداقها بغير اذنها الا أن تنهاه عن قبضه. دليلنا أنها بالغة رشيدة فلم يكن له قبض صداقها بغير اذنها كالبنت.
(فرع) إذا كان الصداق حالا فطالبته الزوجة بتسليمه فقال الزوج: لا، وطلب امهاله إلى أن يجمعه، وطالب بتسليم الزوجة إليه لم يجبر الزوجة على تسليم نفسها إليه إلى أن يجمع صداقها ويسلمه إليها لان المهر في مقابلة البضع وعوض عنه، فإذا امتنع الزوج من تسليم العوض لم تجبر المرأة على تسليم المعوض كما لا يجبر البائع على تسليم المبيع إذا امتنع المشترى من تسليم الثمن، وان قال الزوج لا أسلم الصداق حتى تسلم نفسها. وقالت الزوجة لا أسلم نفسي حتى يسلم إلى الصداق فقد ذكر المصنف فيمن اشترى سلعة بثمن في ذمته، فقال البائع لا أسلم السلعة حتى أقبض الثمن، وقال المشترى لا أسلم الثمن حتى أقبض السلعة ثلاثة أقوال مشهورة أتى عليها الامام تقى الدين السبكي في شرح المهذب في شروعه في تكملة المجموع.
(أحدها) لا يجبر واحد منهما على التسليم، بل أيهما تطوع بالتسليم.
أجبر الآخر.
(والثاني) أنهما يجبران معا، فيجبر البائع على تسليم السلعة إلى عدل، بجبر المشترى على تسليم الثمن إلى عدل، ثم يسلم السلعة إلى المشترى والثمن إلى البائع، وبأيهما بدأ جاز.
(والثالث) أن البائع يجبر على تسليم السلعة إلى المشترى ثم يجبر المشترى على تسليم الثمن إلى البائع. وأما الصداق فلا يجئ فيه الا القولان الأولان.
(أحدهما) لا يجبر واحد منهما على التسليم بل يقال لهما: أيكما تطوع بالتسليم