والضرب الثاني: أن يكون فم الزق مستعليا فهذا على ضربين (أحدهما) أن يميل في الحال فيذهب ما فيه فعليه ضمانه لأنه متماسك بوكائه، فإذا حله كان بالحل تالفا، وليس كالدابة إذا حلها لان للدابة اختيارا (والثاني) أن يلبث بعد الحل متماسكا زمانا ثم يميل فيسقط فلا ضمان عليه وسواء كان الزق مستندا أو غير مستند لأنه قد كان باقيا بعد الحل فعلم أن تلفه بغير الحل من هبوب ريح أو تحريك انسان.
والقسم الثاني: أن يكون ما في الزق ثخين القوام بطئ الذهاب كالدبس (العجوة بالعسل أو مريب التمر) والعسل القوى فإذا حل وكاؤه فاندفع يسيرا بعد يسير حتى ذهب ما فيه، فإن كان مستعلى الرأس فلبث زمانا لا يتدفق شئ منه ثم اندفع فلا ضمان، وان اندفع في الحال أو كان منكسا نظر، فإن لم يقدر مالكه على استدراك سده حتى ذهب ما فيه فعليه الضمان وان قدر على الاستدراك لسده ففي الضمان وجهان.
(أحدهما) عليه الضمان كما لو خرق ثوبه وهو قادر على منعه، لزمه الضمان ولا يكون قدرته على الدفع اختيارا وابراء، كذلك ها هنا.
والوجه الثاني: لا ضمان عليه، والفرق بينهما أنه في القتل والتحريق، وفى حل الوكاء غيره متسبب والسبب يسقط حكمه مع القدرة على الامتناع منه كمن حفر بئرا فمر بها انسان وهو يراها ويقدر على اجتنابها فلم يفعل حتى سقط فيها لم يضمنه الحافر.
ولو كان الزق مستعلى الرأس وهو يندفع بعد الحل يسيرا يسيرا فجاء آخر فنكسه حتى تعجل خروج ما فيه فذهب فعلى الأول ضمان ما خرج قبل التنكيس وفيما خرج بعده وجهان (أحدهما) أن ضمانه عليهما لاشتراكهما في سبب ضمانه كالجارحين (والوجه الثاني) أن ضمانه على الثاني وحده لسقوط السبب مع المباشرة فصار كالذابح بعد الجارح يسقط ببراءة الجارح ويتوجه للذابح.
والقسم الثالث: أن يكون ما في الزق جامدا كالسمن والدبس إذا جمدا ومريب الجزر والفواكه إذا جف ماؤهما وتبخر فيكشف بحل الوكاء أو بكشف الغطاء عن الاناء حتى تسطع عليه الشمس فيذوب ويذهب فإن كان الزق أو الاناء