لأنه غير ضامن لما جنته، فلو سأله صاحب الجوهرة بيع البهيمة ليتوصل منها إلى جوهرته، أو صيرورتهما معا في ملكه لم يجبر المالك على البيع.
وقال أبو حنيفة: إن كانت قيمة الجوهرة أكثر من قيمة البهيمة أجبر صاحبها على أخذ قيمتها وإن كانت قيمة الجوهرة أقل لم يجبر. وهذا فاسد، استدلالا بقياسين أحدهما: أن ما لا يستحق تملكه باستهلاك الأقل لم يستحق تملكه باستهلاك الأكثر قياسا على كسرها إناء أو أكلها طعاما - والثاني - أنه لا يستحق تملكه مع تلف شئ لم يستحق تملكه مع بقائه، قياسا على ما قيمته أقل.
وإن كان صاحبها معها كان ضامنا لها عندنا سواء كانت البهيمة شاة أو بعيرا وقال أبو علي بن أبي هريرة: إن كانت البهيمة بعيرا ضمن، وإن كان شاة لم يضمن، وفرق بينهما بأن المألوف في البعير النفور فلزم منعه ومراعاته، والمألوف في الشاة السكون فلم يلزم منعها ومراعاتها. وهذا خطأ عند الأصحاب لان سقوط مراعاة الشاة إنما كان لان المعهود منها السلامة، فإذا أفضت إلى غير السلامة لزم الضمان كما أبيح للرجل ضرب زوجته وللمعلم ضرب الصبي لان عاقبته السلامة، فإذا أفضى إلى التلف ضمنا، فإذا ثبت أن ذلك مضمون عليه نظر في البهيمة فإن كانت غير مأكولة اللحم غرم القيمة لتحريم ذبحها وتعذر الوصول إليها، وإن كانت مأكولة اللحم فعلى قولين. أحدهما: تذبح عليه وتؤخذ الجوهرة من جوفها، والثاني: لا يجوز ذبحها وتؤخذ منه قيمة الجوهرة. فعلى هذا لو ماتت البهيمة أو ذبحها لمأكله فوصل إلى الجوهرة رجع بها المالك ورد ما أخذه من القيمة:
ولنا بناء على ما تقدم، وعلى ما وصل إليه الطب من عمل البنج للحيوان واجراء جراحة بيطرية لاستخراج الجوهرة أنه يجوز ذلك ويبذل صاحب الجوهرة مؤونة الجراحة والنقاهة حتى تبرأ، فإذا كان صاحبها مفرطا كان عليه ذلك. فإذا كان صاحب البهيمة مغتصبا للجوهرة على ما بنى المصنف فصله فالضمان عليه.