قالوا: ولأنه من أشربتهم المباحة فوجب أن يكون مضمونا بإتلافه عليهم كسائر الأشربة، قالوا: ولان ما كان متمولا عند مالكه ضمن بالاتلاف وإن لم يتمول عند متلفه قياسا على المصحف إذا أتلفه ذمي على مسلم.
ودليلنا ما رواه ابن أبي حبيب عن عطاء عن جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: ان الله حرم عليكم ورسوله بيع الخمر وبيع الخنزير وبيع الأصنام وبيع الميتة، فقال رجل يا رسول الله ما ترى في شحومها فإنها يدهن بها السفن ويستصبح بها فقال: قاتل الله اليهود حرم عليهم شحومها فجملوها فباعوها فدل تحريمه لبيعه على تحريم ثمنه وقيمته، ولان المرجوع في كون الشئ مالا إلى صفته لا إلى صفة مالكه، لان صفات الشئ قد تختلف فيختلف حكمه في كونه مالا ويختلف مالكوه. فلا يختلف حكمه في كونه مالا كالحيوان هو مال لمسلم وكافر ثم لو مات خرج من أن يكون مالا لمسلم أو كافر ثم لو دبغ جلده صار مالا لمسلم وكافر، فلما لم يكن الخمر والخنزير مالا لمسلم أو كافر ثم لو دبغ جلد الميتة صار مالا لمسلم وكافر. ويتحرر من هذا قياسان:
أحدهما. أن كل ما ليس مالا مضمونا في حق المسلم لم يكن مالا مضمونا في حق الكافر كالميتة والدم، وإن شئت قلت. كل عين لم يصح أن تشتغل ذمة المسلم بثمنها لم يصح أن تشتغل ذمة المسلم بقيمتها أصله ما ذكرنا.
والثاني. أن ما لم يستحقه المسلم من عوض الحكم لم يستحقه الكافر كالثمن، ولأنه شراب مسكر فوجب أن لا يستحق على متلفه قيمته، ولان ما استبيح الانتفاع به من الأعيان النجسة إذا لم يملك الاعتياض عليه كالميتة: فما حرم الانتفاع به من الخمر والخنزير أولى أن لا يملك الاعتياض عليه، وتحريره قياسا أن ما حرم نفعا فأحرى أن يحرم عوضا من كافر على مسلم.
وأما الجواب عن حديث عمر وقوله. ولهم بيعها وخذ العشر من أثمانها فمن وجهين.
أحدهما. أن معناه أن ولهم ما تولوه من بيعها، ولا يعترض عليهم فيما