قال الماوردي: فإذا طار في الحال علم أنه طار لنفوره منه فصار كتنفيره إياه وإذا لبث زمانا لم يوجد منه النفور فصار طائرا باختياره، فأما إذا أمر طفلا أو مجنونا بإرسال طائر في يده فأرسله فطار فهو كفتحه القفص في أنه إذا نفره أو أمر الطفل بتنفيره ضمن وان لم ينفره ولبث زمانا لم يضمنه، وان طار في الحال فعلى وجهين، ولو كان ساقطا على برج أو جدار فرماه بحجر فنفره فطار من تنفيره لم يضمنه لأنه قبل التنفير لم يكن مقدورا عليه.
(فرع) إذا رمى رجل حجرا في هواء داره فأصاب طائرا فقتله ضمنه سواء تعمد قتله أو لم يتعمده، لأنه وان لم يتعد بالرمي في هواء داره فليس له منع الطائر من الطيران في هوائه، فصار كما لو رماه من غير هوائه وخالف دخول البهيمة إذا منعها بضرب لا تخرج الا به أنه لا يضمنها.
(فرع) إذا فتح رجل مراح غنم فرعت زرعا فإن كان الفاتح مالكها ضمن الزرع، وإن كان غيره لم يضمن، لأنه لا يلزمه حفظها، وكذلك لو حل دابة مربوطة فأكلت شعيرا أو فولا لم يضمن لان الدابة هي المتلفة دونه وكذا لو كسرت اناء لم يضمنه لما عللناه.
(فرع) قال الشافعي: ولو حل زقا (1) أو راوية فاندفقا ضمن الا أن يكون الزق يثبت مستندا وكان الحل لا يدفع ما فيه ثم سقط بتحريك أو غيره فلا يضمن لان الحل كان ولا جناية فيه.
وصورتها في زق أوكى على ما فيه فحل الوكاء حتى ذهب ما في الزق، فلا يخلو حال ما فيه من ثلاثة أقسام (أحدها) أن يكون من أرق المائعات قواما وأسرعها ذهابا كالخل والزيت واللبن فهذا على ضربين.
أحدهما: أن يكون فم الزق منكسا فعليه ضمان ما فيه، لان الذائب مع التنكيس لا يبقى، فكان هو المتلف له.