(أحدهما) يغصبها ناقصة فتزيد ثم تنقص (والثاني) أن يغصبها زائدة فتنقص ثم تزيد، وتكلم عن الفصل الأول فصور المسألة في أمة زادت ببرء أو سمن أو تعليم قرآن فصارت تساوى ألفا ثم نقصت بنسيان أو هزال أو مرض حتى عادت لحالها لا تساوى إلا المائة، فإنه يردها ومعها تسعمائة لنقص الزيادة الحادثة في يده وقال أبو حنيفة: يردها ولا غرم عليه لنقص ما زاد في يده استدلالا بأنه رد المغصوب كما أخذه. ولان الزيادة في يد الغاصب قد تكون زيادة في السوق أو زيادة في العين، فلما كانت زيادة الرق غير مضمونة على الغاصب إذا نقصت، كانت زيادة العين غير مضمونة على الغاصب إذا نقصت، وتحريره قياسا أنها زيادة حدثت في يد الغاصب فوجب أن يضمنها مع بقاء المغصوب قياسا على زيادة السوق طردا وعلى تلف العين عكسا، وكان ضمان الغصب إنما يستحق فيما غصب باليد دون ما لم يغصب. وإن صار تحت يده، ألا ترى لو أن شاة دخلت دارا لرجل لم يضمنها. وان صارت تحت يده. وهكذا لو أطارت الريح ثوبا إلى داره لحدوث ذلك بغير فعله، وكذا الزيادة الحادثة في يده دليلنا: أنه نقص عين حدث في يد الغاصب فوجب أن يكون مضمونا عليه قياسا على نقصها عن حال غصبها، بأن يغصبها صحيحة فتمرض أو سمينة فتهزل، ولأنه لو باعها بعد حدوث الزيادة بها ضمن نقصها فكذلك ان لم يبعها وفى ضمان النقص وجهان:
(أحدهما) وهو قول ابن أبي هريرة أنه غير مضمون على الغاصب استشهادا بقول الشافعي فيمن جنى على عين رجل فابيضت فأخذ ديتها، ثم زال البياض أنه يرد ما أخذ من الدية لارتفاع النقص بحدوث الصحة، فكذا الغاصب والوجه الثاني: وهو قول أبي سعيد الإصطخري، والأشبه بأصول الشافعي أنه مضمون على الغاصب فيردها وتسعمائة معها كما نقلنا ذلك عن الشافعي فيما سبق، ووجهه أن حدوث النقص قد أوجب ثبوت الضمان في ذمته فما طرأ بعده من زيادة فحادث على ملك المغصوب منه، فلم يجز أن يسقط به ما قد ملكه من الغرم وليس كبياض العين بالجناية لأنها مضمونة بالفعل، والغصب مضمون باليد.