الذي أخذها منه لم يبرأ من الضمان، لان ما وجب رده وجب رده إلى المالك أو إلى وكيله كالمغصوب والمسروق.
(فصل) ومن استعار عينا جاز له أن يستوفى منفعتها بنفسه وبوكيله، لان الوكيل نائب عنه، وهل له أن يعير غيره؟ فيه وجهان (أحدهما) يجوز كما يجوز للمستأجر أن يؤجر (والثاني) لا يجوز وهو الصحيح، لأنه إباحة فلا يملك بها الإباحة لغيره كإباحة الطعام، ويخالف المستأجر فإنه يملك المنافع. ولهذا يملك أن يأخذ عليه العوض، فملك نقله إلى غيره كالمشتري للطعام والمستعير لا يملك، ولهذا لا يملك أخذ العوض عليه، فلا يملك نقله إلى غيره، كمن قدم إليه الطعام.
(فصل) وتجوز الإعارة مطلقا ومعينا، لأنه إباحة فجاز مطلقا ومعينا كإباحة الطعام، فإن قال: أعرتك هذه الأرض لتنتفع بها، جاز له أن يزرع ويغرس ويبنى، لان الاذن مطلق، وإن استعار للبناء أو للغراس جاز له أن يزرع لان الزرع أقل ضررا من الغراس والبناء فإذا رضى بالبناء والغراس رضى بالزرع ومن أصحابنا من قال: إن استعار للبناء لم يزرع، لان في الزرع ضررا ليس في البناء، وهو أنه يرخى الأرض، وإن استعار للزرع لم يغرس ولم يبن، لان الغراس والبناء أكثر ضررا من الزرع فلا يكون الاذن في الزرع إذنا في الغراس والبناء. وإن استعار للحنطة زرع الحنطة وما ضرره ضرر الحنطة، لان الرضا بزراعة الحنطة رضا بزراعة مثله،. وإن استعار للغراس أو البناء ملك ما أذن فيه منهما، وهل يملك الآخر؟ فيه وجهان (أحدهما) أنه يملك الآخر، لان الغراس والبناء يتقاربان في البقاء والتأبيد فكان الاذن في أحدهما إذنا في الآخر (والثاني) أنه لا يجوز، لان في كل واحد منهما ضررا ليس في الآخر، فان ضرر الغراس في باطن الأرض أكثر، وضرر البناء في ظاهر الأرض أكثر، فلا يملك بالاذن في أحدهما الآخر (الشرح) أما الأحكام فإنه إذا طالب المعير بردها كانت ضرورة ردها واجبة على المستعير بخلاف المستأجر، والفرق بينهما أن تسليم المنفعة في الإجارة مستحق