(فصل) وتصح الإعارة في كل عين ينتفع بها مع بقائها، كالدور والعقار والعبيد والجواري والثياب والدواب والفحل للضراب، لما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر إعارة دلوها وإعارة فحلها. وروى أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار من أبى طلحة فرسا فركبه " وروى صفوان " أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه أدرعا غزاة حنين " فثبت في هذه الأشياء بالخبر وقسنا عليها كل ما كان ينتفع به مع بقاء عينه (الشرح) الأصل في العارية الكتاب والسنة والاجماع أما الكتاب فقوله تعالى (ويمنعون الماعون) روى عن ابن عباس وابن مسعود أنهما قالا: العواري. وفسرها ابن مسعود فقال: القدر والميزان والدلو، وقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى) وأما السنة فما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبة الوداع " العارية مؤداة والدين مقضى والمنحة مردودة والزعيم غارم " أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وروى صفوان بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه أدراعا يوم حنين فقال: أغصبا يا محمد؟ قال " بل عارية مضمونة " رواه أبو داود وأحمد والنسائي والحاكم وأورد له شاهدا من حديث ابن عباس، ولفظه " بل عارية مؤداة " وفى رواية لأبي داود " ان الأدراع كانت ما بين الثلاثين إلى الأربعين " ورواه البيهقي عن أمية بن صفوان مرسلا، وبين أن الأدراع كانت ثمانين، ورواه الحاكم من حديث جابر بن عبد الله، وذكر أنها مائة درع، وأعل ابن حزم وابن القطان طرق هذا الحديث، قال ابن حزم: أحسن ما فيها حديث يعلى ابن أمية وقد سقناه في الوكالة أما حديث جابر في الفصل فقد رواه أحمد ومسلم، فقد استوفى الكلام عليه الامام النووي في كتاب الزكاة من المجموع وأما الاجماع فقد انعقد من الأمة كلها على أن العارية مندوب إليها لأنها من القربات
(٢٠٠)