القسم الثاني: أن يصدقه المالك الموكل ويكذبه المودع، فلا ضمان على الوكيل وقوله بتصديق الموكل مقبول عليه في سقوط الضمان عنه، وغير مقبول على المودع. فإذا حلف المودع: ما تسلم منه الوديعة برئ من الدعوى القسم الثالث: أن يصدقه المودع على قبضها منه ويدعى تلفها وتكذيب المالك الموكل لقول الوكيل مقبول. وهو من ضمانها برئ لان إقرار المودع بالقبض أقوى من الاشهاد عليه فلما برئ من الاشهاد عليه فأولى ان يبرأ بالاقرار والله أعلم قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن كان عليه حق لرجل فجاء رجل وادعى أنه وكيل صاحب الحق في قبضه وصدقه، جاز أن يدفع إليه، ولا يجب الدفع إليه. وقال المزني:
يجب الدفع إليه، لأنه أقر له بحق القبض، وهذا لا يصح لأنه دفع غير مبرئ فلم يجبر عليه، كما لو كان عليه دين بشهادة فطولب به من غير إشهاد. فان دفع إليه ثم حضر الموكل وأنكر التوكيل فالقول قوله مع يمينه: أنه ما وكل، لان الأصل عدم التوكيل، فإذا حلف نظرت. فإن كان الحق عينا أخذها إن كانت باقية ورجع ببدلها إن كانت تالفة، وله أن يطالب الدافع والقابض. لان الدافع سلم إلى من لم يأذن له الموكل. والقابض أخذ ما لم يكن له أخذه. فان ضمن الدافع لم يرجع على القابض. وان ضمن القابض لم يرجع على الدافع. لان كل واحد منهما يقول: إن ما يأخذه المالك ظلم فلا يرجع به على غيره.
وإن كان الحق دينا فله أن يطالب به الدافع. لان حقه في ذمته لم ينتقل.
وهل له أن يطالب القابض؟ فيه وجهان (أحدهما) له أن يطالب. وهو قول أبي إسحاق لأنه يقر بأنه قبض حقه فرجع عليه كما لو كان الحق عينا (والثاني) ليس له. وهو قول أكثر أصحابنا. لان دينه في ذمة الدافع لم يتعين فيما صار في يد القابض فلم يجز أن يطالب به. وان جاء رجل إلى من عليه الحق وادعى أنه وارث صاحب الحق فصدقه وجب الدفع إليه لأنه اعترف بأنه لا مالك له غيره وأن دفعه إليه دفع مبرئ فلزمه. وان جاء رجل فقال: أحالني عليك صاحب الحق فصدقه. ففيه وجهان