وأن أشهد شاهدا واحدا ففيه وجهان (أحدهما) لا يضمن، لان الشاهد مع اليمين بينة (والثاني) يضمن لأنه فرط حيث إنه اقتصر على بينة مختلف فيها وإن كان بمحضر الموكل وأشهد لم يضمن، وإن لم يشهد ففيه وجهان.
أحدهما: لا يضمن، لان المفرط هو الموكل، فإنه حضر وترك الاشهاد.
والثاني: أنه يضمن لان ترك الاشهاد يثبت الضمان فلا يسقط حكمه بحضور الموكل، كما لو أتلف ماله وهو حاضر، وان وكله في إيداع ماله عند رجل فهل يلزمه الاشهاد؟ ففيه وجهان.
أحدهما: يلزمه لأنه لا يأمن أن يجحد فيشهد عليه الشهود.
والثاني: لا يلزمه، لان القول قول المودع في الرد والهلاك، فلا فائدة في الاشهاد، وإن وكله في الايداع فادعى أنه أودع وأنكر المودع لم يقبل قول الوكيل عليه، لأنه لم يأتمنه المودع فلا يقبل قوله عليه، كالوصي إذا ادعى دفع المال إلى اليتيم، وهل يضمن الوكيل؟ ينظر فيه، فإن أشهد ثم مات الشهود أو فسقوا لم يضمن، لأنه لم يفرط، وإن لم يشهد - فإن قلنا: إنه يجب الاشهاد ضمن لأنه فرط، وإن قلنا: لا يجب لم يضمن لأنه لم يفرط.
(الشرح) الأحكام: قال المزني رحمه الله تعالى: لو دفع إليه مالا اشترى به طعاما فيسلفه، ثم اشترى له بمثله طعاما فهو ضامن للمال والطعام، لأنه خرج من وكالته بالتعدي، واشترى بغير ما أمره به اعلم أن لهذه المسألة مقدمة لا يستغنى عن شرحها وتقدير المذهب فيها ليكون الجواب في المسألة مبنيا عليها، وهو أن الرجل إذا وكل رجلا في ابتياع متاع له فلا يخلو حاله من أحد أمرين، إما أن يدفع إليه ثمنه أم لا، فإن لم يدفع الثمن إليه جاز للوكيل أن يشتريه بثمن في ذمته ناويا به أنه لموكله، فيكون بالعقد واقعا للموكل دون الوكيل.
وقال أبو حنيفة: يقع الملك بالعقد للوكيل، ثم ينتقل إلى الموكل استدلالا بأن ما ملكه الانسان بعقد غيره وقع الملك للعاقد، ثم انتقل عنه إلى متملكه كالشفعة يقع الملك إلى المشترى ثم ينتقل عنه إلى الشفيع، ولان الوكيل يلزمه