لا يملك التصرف فلا يملك غيره من جهته، وإن أمر عبده بعقد ثم أعتقه أو باعه ففيه وجهان.
(أحدهما) لا ينعزل كما لو أمر زوجته بعقد ثم طلقها.
(والثاني) أنه ينعزل، لان ذلك ليس بتوكيل في الحقيقة، وإنما هو أمر ولهذا يلزم أمثاله، وبالعتق والبيع سقط أمره عنه، وإن وكل في بيع عين فتعدى فيها بأن كان ثوبا فلبسه، أو دابة فركبها، فهل تبطل الوكالة أم لا؟ فيه وجهان أحدهما: تبطل فلا يجوز له البيع، لأنه عقد أمانة فتبطل بالخيانة كالوديعة.
والثاني: أنها لا تبطل، لأن العقد يتضمن أمانة وتصرفا، فإذا تعدى فيه بطلت الأمانة وبقى التصرف، كالرهن يتضمن أمانة ووثيقة، فإذا تعدى فيه بطلت الأمانة وبقيت الوثيقة.
وان وكل رجلا في تصرف ثم عزله ولم يعلم الوكيل بالعزل، ففيه قولان.
(أحدهما) لا ينعزل، فان تصرف صح تصرفه، لأنه أمر فلا يسقط حكمه قبل العلم بالنهي كأمر صاحب الشرع (والثاني) أنه ينعزل، فان تصرف لم ينفذ تصرفه لأنه قطع عقد لا يفتقر إلى رضاه فلم يفتقر إلى علمه كالطلاق.
(الشرح) الأحكام: لما كانت الوكالة عقدا جائزا من الطرفين فللموكل عزل وكيله متى شاء، وللوكيل عزل نفسه، لأنه أذن في التصرف، فكان لكل واحد منهما ابطاله، كما لو أذن في أكل طعامه، وتبطل أيضا بموت أحدهما أيهما كان وجنونه المطبق، ولا خلاف في هذا كله فيما نعلم، فمتى تصرف الوكيل بعد فسخ الموكل أو موته فهو باطل إذا علم ذلك، فإن لم يعلم الوكيل بالعزل ولا موت الموكل فعن أحمد فيه روايتان، وللشافعي فيه قولان، وظاهر النص أنه ينعزل علم أو لم يعلم، ومتى تصرف فبان أن تصرفه بعد عزله أو موت موكله فتصرفه باطل، لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضا صاحبه، فلا يفتقر إلى علمه كالطلاق والعتاق والى هذا ذهب الخرقي من الحنابلة.
والقول الثاني وهي الرواية الثانية عن أحمد: لا ينعزل قبل علمه بموت الموكل وعزله، نص عليه في رواية جعفر بن محمد امام العترة، لأنه لو انعزل قبل علمه