(أحدهما) يلزمه الدفع إليه، لأنه أقر له أنه انتقل الحق إليه فصار كالوارث (والثاني) أنه لا يلزمه لان الدفع غير مبرئ لأنه ربما يجئ صاحب الحق فينكر الحوالة فيضمنه، وإن كذبه لم يلزمه الدفع إليه في المسائل كلها وهل يحلف إن قلنا: إنه إن صدقه لزمه الدفع إليه حلف، لأنه قد يخاف اليمين فيصدقه فيلزمه الدفع إليه. وإن قلنا لا يلزمه الدفع إليه إذا صدقه لم يحلف لان اليمين يعرض ليخاف فيصدق، ولو صدق لم يلزمه الدفع فلا معنى لعرض اليمين.
(الشرح) الأحكام: قال المزني: ولو كان لرجل على رجل حق، فقال له رجل: وكلني فلان بقبضه منك فصدقه ودفعه إليه فتلف وأنكر رب الحق أن يكون وكله فله الخيار، فإن أغرم الدافع على القابض لأنه يعلم أنه وكيل برئ، وان أغرم القابض لم يكن له الرجوع على الدافع لأنه يعلم أنه مظلوم وبرئ.
وصورتها فيمن غاب وله مال على رجل أو في يده، فحضر رجل ادعى وكالة الغائب في قبض ماله، فان أقام على ما ادعاه من الوكالة بينة عادلة حكم بها والبينة شاهدان عدلان، فإن كان فيهما ابن مدعى الوكالة لم تقبل شهادته، لأنه يشهد لأبيه، وكذا لو كان فيهما ابن من عليه الحق لم يقبل، لأنه يشهد لأبيه بالبراءة من صاحب الحق بهذا الدفع، ولكن لو كان فيهما ابن صاحب الحق قبلت شهادته لأنه يشهد على أبيه لا له، فإذا قامت البينة بالوكالة أجبر الحاكم من عليه المال على دفعه إلى الوكيل، لان لصاحب الحق أن يستوفيه بنفسه ان شاء، وتوكيله ان شاء، وليس لمن هو عليه أن يمتنع من تسليمه إلى وكيل مالكه، وان لم يكن لمدعى الوكالة بينة يثبت بها الوكالة لم يلزم من عليه الحق أن يدفعه إلى مدعى الوكالة، سواء صدقه على الوكالة أو كذبه، وقال أبو حنيفة وكذا قال المزني: ان صدقه على الوكالة لزمه دفع المال إليه كالمصدق لمدعى سداد رب المال يلزمه دفع المال إليه.
وهذا خطأ من وجهين. أحدهما وهو تعليل أبي إسحاق: انه دفع لا يبرئه من حق الوكيل عند انكار الوكالة ومن لم يبرأ بالدفع عند انكاره لم يجبر. ألا ترى أن من عليه حق توثيقه فله الامتناع من الدفع الا باشهاد صاحب الحق على نفسه