(والثاني) وهو قول أبى على الطبري: أن قولهم غير مقبول في رد ما بأيديهم لان عود النفع إليهم يجعلهم كالمتصرفين في حق أنفسهم فلم يقبل قولهم كالمرتهن فإذا تقرر هذا للأصل فالوكيل إن كان متطوعا، فقوله في رد ما بيده مقبول على موكله، وإن كان بأجرة ففي قبول قوله وجهان، فهذا ما يتعلق بالقسم الأول مما يقبل فيه قول الوكيل على الموكل.
وأما القسم الثاني: وهو مالا يقبل فيه قول الوكيل على الموكل، فهو أن يدعى إذنا في تصرف لقول الوكيل: أمرتني ببيع كذا، أو بإعطاء زيد كذا فينكر الموكل ذلك، فالقول قول الموكل دون الوكيل، لأنه في هذه الدعوى بمثابة مدعى عقد الوكالة، ومدعى الوكالة لا يقبل قوله في ادعائها، لذلك مدعى الاذن لا يقبل قوله في ادعائه، وكذلك إذا اتفقا على الاذن، واختلفا في صفته كقول الوكيل أمرتني بإعطاء زيد ألفا فقال: بل أمرتك بإعطائه ثوبا، وكقوله أمرتني ببيع عبدك بألف، فقال: بل أمرتك بألفين، فالقول فيه قول الموكل، فلا يقبل فيه دعوى الوكيل إلا ببينة يقيمها على ادعاءه، والبينة شاهدان عدلان لا غير، لأنها بينة في إثبات الوكالة.
وأما القسم الثالث: وهو ما اختلف قوله في قبول (قول) الوكيل فيه على موكله، فهو أن يوكل في عمل فيدعى الوكيل إيقاعه على الوجه المأذون فيه، وينكره الموكل، كتوكيله في بيع أو نكاح أو هبة أو عتق أو طلاق أو إقباض مال، فينكر الموكل ذلك مع تصديق البائع والمنكوحة والموهوبة له والمطلقة والقابض والمقبض، ففيه قولان محكيان عن الشافعي، ووجهان ذكرهما ابن سريج، فأحد قولي الشافعي أن القول في جميع ذلك قول الموكل إلا أن يقيم الوكيل بينة على ما ادعاه، والبينة عليه معتبرة في كونه مالا أو غير مال، وإنما كان القول قول الموكل لأنها عقود فلم يلزم بمجرد الدعوى.
والقول الثاني: أن القول في جميع ذلك قول الوكيل، لان الموكل أقامه مقام نفسه، بعد قوله عليه. فهذان قولا الشافعي المحكيان عنه.
وأما وجها أبى العباس بن سريج فإنه ذكر في كتاب الوكالة بعد حكاية قول