واختلف أصحابنا في ولد المستعارة فمنهم من قال: إنه مضمون لأنها مضمونة فضمن ولدها كالمغصوبة، ومنهم من قال: لا يضمن: لان الولد لم يدخل في الإعارة فلم يدخل في الضمان، ويخالف المغصوبة، فإن الولد يدخل في الغصب فدخل في الضمان، فإن غصب عينا فأعارها من غيره، ولم يعلم المستعير وتلفت عنده، فضمن المالك المستعير لم يرجع بما غرم على الغاصب، لأنه دخل على أنه يضمن العين، وإن ضمنه أجرة المنفعة فهل يرجع على الغاصب؟ فيه قولان، بناء على القولين فيمن غصب طعاما وقدمه إلى غيره. أحدهما: يرجع لأنه غره والثاني: لا يرجع، لان المنافع تلفت تحت يده.
(الشرح) قال الشافعي رضي الله عنه: العارية كلها مضمونة، الدواب والرقيق والدور والثياب لا فرق بين شئ منها، فمن استعار شيئا فتلف في يده بفعله أو بغير فعله فهو ضامن له، والأشياء لا تخلو أن تكون مضمونة أو غير مضمونة، فما كان منها مضمونا مثل الغصب وما أشبهه فسواء ما ظهر منها هلاكه وما خفى فهو مضمون على الغاصب والمستسلف جنيا فيه أو لم يجنيا أو غير مضمونة مثل الوديعة فسواء ما ظهر هلاكه وما خفى فالقول فيها قول المستودع مع يمينه وخالفنا بعض الناس في العارية فقال: لا يضمن شيئا إلا ما تعدى فيه، فسئل من أين قاله؟ فزعم أن شريحا قاله، وقال: ما حجتكم في تضمينها.
قلنا: استعار رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفوان فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " عارية مضمونه مؤداة " قال: أفرأيت إذا قلنا: فان شرط المستعير الضمان ضمن وإن لم يشرطه لم يضمن؟
قلنا: فأنت إذن تترك قولك. قال: وأين؟ قلنا: أليس قولك: إنها غير مضمونة إلا أن يشترط؟ قال: بلى، قلنا: فما تقول في الوديعة إذا اشترط المستودع أنه ضامن أو المضارب؟ قال لا يكون ضامنا، قلنا فما تقول في المستسلف إذا اشترط أنه غير ضامن؟ قال. لا شرط له ويكون ضامنا. قلنا. ويرد الأمانة إلى أصلها والمضمون إلى أصله ويبطل الشرط فيهما جميعا؟ قال. نعم، قلنا.
وكذلك ينبغي لك أن تقول في العارية، وبذلك شرط النبي صلى الله عليه وسلم