فقتل أو أتلف مالا اقتصصت منه وأغرمته المال؟ فقلت له وجدت الله تبارك وتعالى يقول (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يحل دم مسلم (أو قتل نفس بغير نفس) وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (من اعتبط مسلما بقتل فهو قود يده) ووجدت الله تعالى قال (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين) فذكر الله عز وجل قتالهم ولم يذكر القصاص بينهما فأثبتنا القصاص بين المسلمين على ما حكم الله عز وجل في القصاص وأزلناه في المتأولين الممتعين ورأينا أن المعنى بالقصاص من المسلمين هو من لم يكن ممتنعا متأولا فأمضينا الحكمين على ما أمضيا عليه وقلت له: علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه ولى قتال المتأولين فلم يقصص من دم ولا مال أصيب في التأويل وقتله ابن ملجم متأولا فأمر بحبسه وقال لولده إن قتلتم فلا تمثلوا ورأي له القتل وقتله الحسن بن علي رضى الله تعالى عنهما وفي الناس بقية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نعلم أحدا أنكر قتله ولا عابه ولا خالفه في أن يقتل إذ لم يكن له جماعة يمتنع بمثلها ولم يقد على وأبو بكر قبله ولى من قتلته الجماعة الممتنع بمثلها على التأويل كما وصفنا ولا على الكفر (قال الشافعي) والآية تدل على أنه إنما أبيح قتالهم في حال وليس في ذلك إباحة أموالهم ولا شئ منها وأما قطاع الطريق ومن قتل على غير تأويل فسواء جماعة كانوا أو وحدانا يقتلون حدا وبالقصاص بحكم الله عز وجل في القتلة وفى المحاربين.
باب السيرة في أهل البغى (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: روى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين رضى الله تعالى عنهما قال دخلت على مروان بن الحكم فقال ما رأيت أحدا أكرم غلبة من أبيك ما هو إلا أن ولينا يوم الجمل فنادى مناديه (لا يقتل مدبر ولا يذفف على جريح) (قال الشافعي) فذكرت هذا الحديث للدراوردي فقال ما أحفظه يريد يعجب بحفظه هكذا ذكره جعفر بهذا الاسناد * قال الدراوردي أخبرنا جعفر عن أبيه أن عليا رضى الله تعالى عنه كان لا يأخذ سلبا وأنه كان يباشر القتال بنفسه وأنه كان لا يذفف على جريح ولا يقتل مدبرا. (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا رضى الله تعالى عنه قال في ابن ملجم بعد ما ضربه (أطعموه وأسقوه وأحسنوا إساره إن عشت فأنا ولى دمى أعفوا إن شئت وإن شئت استقدت وإن مت فقتلتموه فلا تمثلوا).
باب الحال التي لا يحل فيها دماء أهل البغى (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولو أن قوما أظهروا رأى الخوارج وتجنبوا جماعات الناس وكفروهم لم يحلل بذلك قتالهم لأنهم على حرمة الايمان لم يصيروا إلى الحال التي أمر الله عز وجل بقتالهم فيها بلغنا أن عليا رضى الله تعالى عنه بينا هو يخطب إذ سمع تحكيما من ناحية المسجد (لاحكم إلا لله عز وجل) فقال على رضى الله تعالى عنه (كلمة حق أريد بها باطل لكم علينا ثلاث لا نمنعكم مساجد