باب الوصية بعد الوصية (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولو أوصى رجل بوصية مطلقة ثم أوصى بعدها بوصية أخرى أنفذت الوصيتان معا. وكذلك إن أوصى بالأولى فجعل إنفاذها إلى رجل وبالأخرى فجعل إنفاذها إلى رجل كانت كل واحدا من الوصيتين إلى من جعلها إليه وإن كان قال في الأولى وجعل وصيته وقضاء دينه وتركته إلى فلان وقال في الأخرى مثل ذلك كان كل ما قال في واحدة من الوصيتين ليس في الأخرى إلى الوصي في تلك الوصية دون صاحبه وكان قضاء دينه ولا تركته إليهما معا ولو قال في إحدى الوصيتين أوصى بما في هذه الوصية إلى فلان وقال في الأخرى أوصى بما في هذه الوصية وولاية من خلف وقضاء دينه إلى فلان فهذا مفرد بما أفرده به من قضاء دينه وولاية تركته وما في وصيته ليست في الوصية الأخرى وشريك مع الآخر فيما في الوصية الأخرى.
باب الرجوع في الوصية (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وللرجل إذا أوصى بوصية تطوع بها ان ينقضها كلها أو يبدل منها ما شاء التدبير أو غيره ما لم يمت، وإن كان في وصيته إقرار بدين أو غيره أو عتق بتات فذلك شئ واجب عليه أوجبه على نفسه في حياته لا بعد موته فليس له أن يرجع من ذلك في شئ.
باب ما يكون رجوعا في الوصية وتغييرا لها وما لا يكون رجوعا ولا تغييرا (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا أوصى رجل بعبد بعينه لرجل ثم أوصى بذلك العبد بعينه لرجل فالعبد بينهما نصفان ولو قال العبد الذي أوصيت به لفلان لفلان أو قد أوصيت بالعبد الذي أوصيت به لفلان لفلان كان هذا ردا للوصية الأولى وكانت وصيته للآخر منهما ولو أوصى لرجل بعبد ثم أوصى أن يباع ذلك العبد كان هذا دليلا على إبطال وصيته به، وذلك أن البيع والوصية لا يجتمعان في عبد، وكذلك لو أوصى لرجل بعبد ثم أوصى بعتقه أو أخذ مال منه وعتقه كان هذا كله إبطالا للوصية به للأول ولو أوصى لرجل بعبد ثم باعه أو كاتبه أو دبره أو وهبه كان هذا كله إبطالا للوصية فيه (قال الشافعي) ولو أوصى به لرجل ثم أذن له في التجارة أو بعثه تاجرا إلى بلد أو أجره أو علمه كتابا أو قرآنا أو علما أو صناعة أو كساه أو وهب له مالا أو زوجه لم يكن شئ من هذا رجوعا في الوصية، ولو كان الموصى به طعاما فباعه أو وهبه أو أكله أو كان حنطة فطحنها أو دقيقا فعجنه أو خبزه فجعلها سويقا كان هذا كله كنقض الوصية ولو أوصى له بما في هذا البيت من الحنطة ثم خلطها بحنطة غيرها كان هذا إبطالا للوصية، ولو أوصى له مما في البيت بمكيلة حنطة ثم خلطها بحنطة مثلها لم يكن هذا إبطالا للوصية وكانت له المكيلة التي أوصى بها له.