لهما مما لم يوجف عليه المسلمون من الفئ ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهما كانا فيه أسوة للمسلمين وذلك سيرتهما وسيرة من بعدهما، والامر الذي لم يختلف فيه أحد من أهل العلم عندنا علمته ولم يزل يحفظ من قولهم أنه ليس لأحد ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من صفى الغنيمة ولا من أربعة أخماس ما لم يوجف عليه منها (قال الشافعي) وقد مضى من كان ينفق عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه وغيرهن لو كان معهن فلم أعلم أحدا من أهل العلم قال لورثتهم تلك النفقة التي كانت لهم ولا خلاف في أن تجعل تلك النفقات حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل فضول غلات تلك الأموال فيما فيه صلاح الاسلام وأهله (قال الشافعي) فما صار في أيدي المسلمين من فئ لم يوجف عليه فخمسه حيث قسمه الله تبارك وتعالى وأربعة أخماسه على ما سأبينه إن شاء الله، وقد سن النبي صلى الله عليه وسلم ما فيه الدلالة على ما وصفت. أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يقتسمن ورثتي دينارا ما تركت بعد نفقة أهلي ومؤنة عاملي فهو صدقة " أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بمثل معناه (قال الشافعي) وقد أخبرنا أن النفقة إنما هي جارية بقوت منه على أعيان أهله وأن ما فضل من نفقتهم فهو صدقة ومن وقفت له نفقة لم تكن موروثة عنه (قال الشافعي) والجزية من الفئ وسبيلها سبيل جميع ما أخذ مما أوجف من مال مشرك أن يخمس فيكون لمن سمى الله عز وجل الخمس وأربعة أخماسه على ما سأبينه إن شاء الله، وكذلك كل ما أخذ من مال مشرك بغير إيجاف، وذلك مثل ما أخذ منه إذا اختلف في بلاد المسلمين ومثل ما أخذ منه إذا مات ولا وارث له وغير ذلك مما أخذ من ماله. وقد كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم فتوح في غير قرى عرينة التي وعدها الله رسوله صلى الله عليه وسلم قبل فتحها فأمضاها النبي صلى الله عليه وسلم كلها لمن هي ولم يحبس منها ما حبس من القرى التي كانت له وذلك مثل جزية أهل البحرين وهجر وغير ذلك وقد كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم فئ من غير قرى عرينة وذلك مثل جزية أهل البحرين فكان له أربعة أخماسها يمضيها حيث أراه الله عز وجل كما يمضى ماله وأوفى خمسه من جعله الله له، فإن قال قائل ما دل على ذلك؟ قيل أخبرنا ابن عيينة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الحديث (قال الربيع) قال غير الشافعي قال النبي صلى الله عليه وسلم لجابر " لو جاءني مال البحرين لأعطيتك هكذا وهكذا " فتوفى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأته فجاء أبا بكر فأعطاني.
تفريق القسم فيما أوجف عليه الخيل والركاب (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا غزا المسلمون بلاد أهل الحرب بالخيل والركاب فغنموا أرضهم وديارهم وأموالهم وأنفسهم أو بعض ذلك دون بعض فالسنة في قسمه أن يقسمه الإمام معجلا على وجه النظر فإن كان معه كثيرا في ذلك الموضع آمنين لا يكر عليهم العدو فلا يؤخر قسمه إذا أمكنه في موضعه الذي غنمه فيه وإن كانت بلاد حرب أو كان يخاف كرة العدو عليهم أو كان منزله غير رافق بالمسلمين تحول عنه إلى أرفق بهم منه وآمن لهم من عدوهم ثم قسمه وإن كانت بلاد شرك (قال الشافعي) وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم أموال بنى المصطلق وسبيهم في الموضع الذي غنمه