غير سهم النبي صلى الله عليه وسلم فإن أغفل ذلك أعطى من سهم النبي صلى الله عليه وسلم ورد النبي صلى الله عليه وسلم يوم " بدر " مشركا قيل نعيم فأسلم ولعله رده رجاء إسلامه وذلك واسع للإمام أن يرد المشرك فيمنعه الغزو ويأذن له وكذلك الضعيف من المسلمين ويأذن له ورد النبي صلى الله عليه وسلم من جهة إباحة الرد والدليل على ذلك والله أعلم أنه قد غزا بيهود بنى قينقاع بعد بدر وشهد صفوان ابن أمية معه حنينا بعد الفتح وصفوان مشرك (قال) ونساء المشركين في هذا وصبيانهم كرجالهم لا يحرم أن يشهدوا القتال وأحب إلى لو لم يعطوا وإن شهدوا القتال فلا يبين أن يرضخ لهم إلا أن تكون منهم منفعة للمسلمين فيرضخ لهم بشئ ليس كما يرضخ لعبد مسلم أو لامرأة ولا صبي مسلمين وأحب إلى لو لم يشهدوا الحرب إن لم تكن بهم منفعة لأنا إنما أجزنا شهود النساء مع المسلمين والصبيان في الحرب رجاء النصرة بهم لما أوجب الله تعالى لأهل الايمان وليس ذلك في المشركين.
كيف تفضل فرض الجهاد (أخبرنا الربيع) قال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى " كتب عليكم القتال وهو كره لكم " مع ما أوجب من القتال في غير آية من كتابه وقد وصفنا أن ذلك على الأحرار المسلمين البالغين غير ذوي العذر بدلائل الكتاب والسنة فإذا كان فرض الجهاد على من فرض عليه محتملا لأن يكون كفرض الصلاة وغيرها عاما ومحتملا لأن يكون على غير العموم فدل كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على أن فرض الجهاد إنما هو على أن يقوم به من فيه كفاية للقيام به حتى يجتمع أمران أحدهما أن يكون بإزاء العدو المخوف على المسلمين من يمنعه والآخر أن يجاهد من المسلمين من في جهاده كفاية حتى يسلم أهل الأوثان أو يعطى أهل الكتاب الجزية قل فإذا قام بهذا من المسلمين من فيه الكفاية به خرج المتخلف منهم من المأثم في ترك الجهاد وكان الفضل للذين ولو الجهاد على المتخلفين عنه قال الله عز وجل " لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة " الآية (قال الشافعي) وبين إذ وعد الله عز وجل القاعدين غير أولى الضرر الحسنى أنهم لا يأثمون بالتخلف ويوعدون الحسنى بالتخلف بل وعدهم لما وسع عليهم من التخلف الحسنى إن كانوا مؤمنين لم يتخلفوا شكا ولا سوء نية وإن تركوا الفضل في الغزو وأبان الله عز وجل في قوله في النفير حين أمرنا بالنفير " انفروا خفافا وثقالا " وقال عز وجل " إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما " وقال تبارك وتعالى " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين " الآية فأعلمهم أن فرض الجهاد على الكفاية من المجاهدين (قال الشافعي) ولم يغز رسول الله صلى الله عليه وسلم غزاة علمتها إلا تخلف عنه فيها بشر فغزا بدرا وتخلف عنه رجال معروفون وكذلك تخلف عنه عام الفتح وغيره من غزواته صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وفى تجهزه للجمع للروم " ليخرج من كل رجلين رجل فيخلف الباقي الغازي في أهله وماله " (قال الشافعي) وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيوشا وسرايا تخلف عنها بنفسه مع حرصه على الجهاد على ما ذكرت (قال الشافعي) وأبان أن لو تخلفوا معا أثموا معا بالتخلف بقوله عز وجل " إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما " يعنى والله تعالى أعلم، إلا إن تركتم النفير كلكم عذبتكم قال ففرض الجهاد على ما وصفت يخرج المتخلفين من المأثم بالكفاية فيه، ويأثمون معا إذا تخلفوا معا.