وفارس نائين عن الحجاز دونهم مشركون أهل أوثان كثير (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فأنزل الله عز وجل على رسوله فرض قتال المشركين من أهل الكتاب فقال " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله " الآية ففرق الله عز وجل كما شاء لا معقب لحكمه بين قتال أهل الأوثان ففرض أن يقاتلوا حتى يسلموا وقتل أهل الكتاب ففرض أن يقاتلوا حتى يعطوا الجزية أو أن يسلموا وفرق الله تعالى * بين قتالهم أخبرنا الثقة يحيى بن حسان عن محمد بن أبان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سرية أو جيشا أمر عليهم قال " إذا لقيت عدوا من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو ثلاث خلال شك علقمة أدعهم إلى الاسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم أدعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين فإن أجابوك فاقبل منهم وأخبرهم أنهم إن فعلوا أن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما عليهم وإن اختاروا المقام في دارهم أنهم كأعراب المسلمين يجرى عليهم حكم الله عز وجل كما يجرى على المسلمين وليس لهم في الفئ شئ إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن لم يجيبوك إلى الاسلام فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن فعلوا فاقبل منهم ودعهم. فإن أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم (قال الشافعي) حدثني عدد كلهم ثقة عن غير واحد كلهم ثقة لا أعلم إلا أن فيهم سفيان الثوري عن علقمة بمثل معنى هذا الحديث لا يخالفه (قال الشافعي) وهذا في أهل الكتاب خاصة دون أهل الأوثان وليس يخالف هذا الحديث حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " ولكن أولئك الناس أهل الأوثان والذين أمر الله أن تقبل منهم الجزية أهل الكتاب، والدليل على ذلك ما وصفت من فرق الله بين القتالين ولا يخالف أمر الله عز وجل أن يقاتل المشركون حتى يكون الدين لله ويقتلوا حيث وجدوا حتى يتوبوا ويقيموا الصلاة وأمر الله عز وجل بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية ولا تنسخ واحدة من الآي غيرها ولا واحد من الحديثين غيره وكل فيما أنزل الله عز وجل ثم سن رسوله فيه (قال الشافعي) ولو جهل رجل فقال إن أمر الله بالجزية نسخ أمره بقتال المشركين حتى يسلموا جاز عليه أن يقول جاهل مثله بل الجزية منسوخة بقتال المشركين حتى يسلموا ولكن ليس فيهما ناسخ لصاحبه ولا مخالف.
من يلحق بأهل الكتاب (قال الشافعي) انتوت قبائل من العرب قبل أن يبعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وينزل عليه الفرقان فدانت دين أهل الكتاب وقارب بعض أهل الكتاب العرب من أهل اليمن فدان بعضهم دينهم وكان من أنزل الله عز وجل فرض قتاله من أهل الأوثان حتى يسلم مخالفا دين من وصفته دان دين أهل الكتاب قبل نزول الفرقان على نبي الله صلى الله عليه وسلم لتمسك أهل الأوثان بدين آبائهم فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من أكيدر دومة وهو رجل يقال من غسان أو من كندة وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من ذمة أهل اليمن وعامتهم عرب ومن أهل نجران وفيهم عرب فدل ذلك على ما وصفت من أن الاسلام لم يكن وهم أهل أوثان بل دائنين دين أهل الكتاب مخالفين دين أهل الأوثان وكان في هذا دليل على أن الجزية ليست على النسب إنما هي على الدين وكان أهل الكتاب المشهور عند العامة أهل التوراة من اليهود والإنجيل من النصارى وكانوا من بني إسرائيل