إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) في قول أبى بكر (هذا من حقها لو منعوني عناقا مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه) معرفة منهما معا بأن ممن قاتلوا من هو على التمسك بالايمان ولولا ذلك ما شك عمر في قتالهم ولقال أبو بكر قد تركوا لا إله إلا الله فصاروا مشركين وذلك بين في مخاطبتهم جيوش أبى بكر وأشعار من قال الشعر منهم ومخاطبتهم لأبي بكر بعد الأسئار فقال شاعرهم:
ألا أصبحنا قبل نائرة الفجر * لعل منايانا قريب وما ندري أطعنا رسول الله ما كان وسطنا * فيا عجبا ما بال ملك أبى بكر فإن الذي يسألكمو فمنعتم * لكالتمر أو أحلى إليهم من التمر سنمنعهم ما كان فينا بقية * كرام على العزاء في ساعة العسر وقالوا لأبي بكر بعد الأسئار ما كفرنا بعد إيماننا ولك شححنا على أموالنا (قال الشافعي) وقول أبى بكر لا تفرقوا بين ما جمع الله يعنى فيما أرى والله تعالى أعلم أنه مجاهدهم على الصلاة وأن الزكاة مثلها ولعل مذهبه فيه أن الله عز وجل يقول (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) وأن الله تعالى فرض عليهم شهادة الحق والصلاة والزكاة وأنه متى منع فرضا قد لزمه لم يترك ومنعه حتى يؤديه أو يقتل (قال الشافعي) فسار إليهم أبو بكر بنفسه حتى لقى أخا بنى بدر الفزاري فقاتله معه عمر وعامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أمضى أبو بكر خالد بن الوليد في قتال من ارتد ومن منع الزكاة معا فقاتلهم بعوام من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ففي هذ الدليل على أن من منع ما فرض الله عز وجل عليه فلم يقدر الإمام على أخذ منه بامتناعه قاتله وإن أتى القتال على نفسه وفي هذا المعنى كلحق لرجل على رجل منعه قال فإذا امتنع رجل من تأدية حق وجب عليه والسلطان يقدر على أخذه منه أخذه ولم يقتله وذلك أن يقتل فيقتله أو يسرق فيقطعه أو يمنع أداء دين فيباع فيه ماله أو زكاة فتؤخذ منه فإن امتنع دون هذا أو شئ منه بجماعة وكان إذا قيل له أد هذا قال لا أوديه ولا أبدؤكم بقتال إلا أن تقاتلوني قوتل عليه لأن هذا إنما يقاتل على ما منع من حق لزمه وهكذا من منع الصدقة ممن نسب إلى الردة فقاتلهم أبو بكر بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الشافعي) ومانع الصدقة ممتنع بحق ناصب دونه فإذا لم يختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتاله فالباغي يقاتل الإمام العادل في مثل هذا المعنى في أنه لا يعطى الإمام العادل حقا إذا وجب عليه ويمتنع من حكمه و يزيد على مانع الصدقة أن يريد أن يحكم هو على الإمام العادل ويقاتله فيحل قتاله بإرادته قتال الإمام قال وقد قاتل أهل الامتناع بالصدقة وقتلوا ثم قهروا فلم يقد منهم أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلا هذين متأول أما أهل الامتناع فقالوا قد فرض الله علينا أن نؤديها إلى رسوله كأنهم ذهبوا إلى قول الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم) وقالوا لا نعلمه يجب علينا أن نؤديها إلى غير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما أهل البغى فشهدوا على من بغوا عليه بالضلال ورأوا أن جهاده حق فلم يكن على واحد من الفريقين عند تقضى الحرب قصاص عندنا والله تعالى أعلم ولو أن رجلا واحدا قتل على التأويل أو جماعة غير ممتنعين ثم كانت لهم بعد ذلك جماعة ممتنعون أو لم تكن كان عليهم القصاص في القتل والجراح وغير ذلك كما يكون على غير المتأولين فقال لي قائل فلم قلت في الطائفة الممتنعة الناصبة المتأولة تقتل وتصيب المال أزيل عنها القصاص وغرم المال إذا تلف ولو أن رجلا تأول