المطاع مسلما في الجهاد ولم تقله في الدين؟ قيل الدين مال لزمه لمن هو له لا يختلف فيه من وجب له من مؤمن ولا كافر لأنه يجب عليه أداؤه إلى الكافر كما يجب عليه إلى المؤمن وليس يطيع في التخلف عن الغزو صاحب الدين بحق يجب لصاحب الدين عليه إلا بماله فإذا برئ من ماله فأمر صاحب الدين ونهيه سواء ولا طاعة له عليه لأنه لا حق له عليه بغير المال فلما كان الخروج بعرض إهلاك ماله لديه لم يخرج إلا بإذنه أو بعد الخروج من دينه وللوالدين حق في أنفسهما لا يزول بحال للشفقة على الولد والرقة عليه وما يلزمه من مشاهدتهما لبرهما فإذا كانا على دينه فحقهما لا يزول بحال ولا يبرأ منه بوجه وعليه أن لا يجاهد إلا بإذنهما وإذا كانا على غير دينه فإنما يجاهد أهل دينهما فلا طاعة لهما عليه في ترك الجهاد وله الجهاد وإن خالفهما والأغلب أن منعهما سخط لدينه ورضا لدينهما لا شفقة عليه فقط وقد انقطعت الولاية بينه وبينهما في الدين، فإن قال قائل فهل من دليل على ما وصفت؟ قيل جاهد ابن عتبة بن ربيعة مع النبي صلى الله عليه وسلم وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالجهاد وأبوه مجاهد النبي صلى الله عليه وسلم فلست أشك في كراهية أبيه لجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم وجاهد عبد الله بن عبد الله بن أبي مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبوه متخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم ب " أحد " ويخذل عنه من أطاعه مع غيرهم ممن لا أشك إن شاء الله تعالى في كراهتهم لجهاد أبنائهم مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا كانوا مخالفين مجاهدين له أو مخذلين (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وأي الأبوين أسلم كان حقا على الولد أن لا يغزو إلا بإذنه إلا أن يكون الولد يعلم من الوالد نفاقا فلا يكون له عليه طاعة في الغزو وإن غزا رجل وأحد أبويه أو هما مشركان ثم أسلما أو أحدهما فأمره بالرجوع فعليه الرجوع عن وجهه ما لم يصر إلى موضع لا طاقة له بالرجوع منه إلا بخوف أن يتلف وذلك أن يصير إلى بلاد العدو فلو فارق المسلمين لم يأمن أن يأخذه العدو فإذا كان هذا هكذا لم يكن له أن يرجع للتعذر في الرجوع وكذلك إن لم يكن صار إلى بلاد مخوفة إن فارق الجماعة فيها خاف التلف وهكذا إذا غزا ولا دين عليه ثم ادان فسأله صاحب الدين الرجوع (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإن سأله أبواه أو أحدهما الرجوع وليس عليه خوف في الطريق ولا له عذر فعليه أن يرجع للعذر وإذا قلت ليس له أن يرجع فلا أحب أن يبادر ولا يسرع في أوائل الخيل ولا الرجل ولا يقف الموقف الذي يقفه من يتعرض للقتل لأنه إذا نهيته عن الغزو لطاعة والديه أو لذي الدين نهيته إذا كان له العذر عن تعرض القتل وهكذا أنهاه عن تعرض القتل لو خرج وليس له أن يخرج بخلاف صاحب دينه وأحد أبويه أو خلاف الذي غزا وأحد أبويه وصاحب دينه كاره وليس على الخنثى المشكل الغزو فإن غزا وقاتل لم يعط سهما ويرضخ له ما يرضخ للمرأة والعبد يقاتل فإن بان لنا أنه رجل فعليه من حين يبين الغزو وله فيه سهم رجل.
العذر الحادث (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا أذن للرجل أبواه في الغزو فغزا ثم امراه بالرجوع فعليه الرجوع إلا من عذر حادث والعذر ما وصفت من خوف الطريق أو جدبه أو من مرض يحدث به لا يقدر معه على الرجوع أو قلة نفقة لا يقدر على أن يرجع يستقل معها أو ذهاب مركب لا يقدر على