وفى باب الصدقة والهبة من اختلاف العراقيين وإذا وهب الرجل للرجل الهبة وقبضها دارا أو أرضا ثم عوضه بعد ذلك منها عوضا وقبض الواهب فأن أبا حنيفة رحمه الله كان يقول ذلك جائز ولا تكون فيه شفعة وبه يأخذ وليس هذا بمنزلة الشراء وكان ابن أبي ليلى يقول هذا بمنزلة الشراء ويأخذ الشفيع بالشفعة بقيمة العوض ولا يستطيع الواهب أن يرجع في الهبة بعد العوض في قولهما جميعا (قال الشافعي) وإذا وهب الرجل للرجل شقصا من دار فقبضه ثم عوضه الموهوب له شيئا فقبضه الواهب سأل الواهب فإن قال وهبتها للثواب كان فيها شفعة وإن قال وهبتها لغير ثواب لم يكن فيها شفعة وكانت المكافأة كابتداء الهبة وهذا كله في قول من قال: للواهب الثواب إذا قال أردته فأما من قال لا ثواب للواهب إن لم يشترطه في الهبة فليس له الرجوع في شئ وهبه ولا الثواب منه (قال الربيع) وفيه قول آخر إذا وهب واشترط الثواب فالهبة باطل من قبل أنه اشترط عوضا مجهولا وإذا وهب لغير الثواب وقبضه الموهوب فليس له أن يرجع في شئ وهبه وهو معنى قول الشافعي رحمه الله.
السلف في القراض (قال الشافعي) رحمه الله: وإذا دفع الرجل إلى الرجل مالا قراضا وأبضع منه بضاعة فإن كان عقد القراض على أنه يحمل له البضاعة فالقراض فاسد يفسخ إن لم يعمل فيه فإن عمل فيه فله أجر مثله والربح لصاحب المال وإن كانا تقارضا ولم يشرطا من هذا شيئا ثم حمل المقارض له بضاعة فالقراض جائز ولا يفسخ بحال غير أنا نأمرهما في الفتيا أن لا يفعلا هذا على عادة ولا لعلة مما اعتل به ولو عادا لما ذكرنا كرهناه لهما ولم نفسد به القراض ولا نفسد العقد الذي يحل بشئ تطوعا به وقد مضت مدة العقدة ولا تطر (1) إنما تفسد بما عقدت عليه إلا بما حدث بعدها (قال الشافعي)
____________________
عليه وسلم " الجار أحق بصقبه " ما كان أبو حنيفة عن أبي أمية عن المسور بن مخرمة أو عن سعد بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الجار أحق بشفعته " (قال الشافعي) وإذا اشترى الرجل النصيب من الدار فقال أخذته بمائة فسلم ذلك له الشفيع ثم علم الشفيع بعد أنه أخذها بأقل من المائة فله حينئذ الشفعة وليس تسليمه له بقاطع شفعته إنما سلمه على ثمن فلما علم ما هو دونه كان له الاخذ بالشفعة ولو علم بعد أن الثمن أكثر من الذي سلمه به لم يكن له شفعة من قبل أنه إذا سلمه بالأقل كان الأكثر أولى أن يسلمه به.