كان في مشركين يفون بالعهد فأعطوه أمانا على شئ يعطيهموه أو على غير شئ فعطيته عطية الصحيح.
باب الوصية للوارث (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: أخبرنا سفيان عن سليمان الأحول عن مجاهد يعنى في حديث " لا وصية لوارث " (قال الشافعي) ورأيت متظاهرا عند عامه من لقيت من أهل العلم بالمغازي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته عام الفتح " لا وصية لوارث " ولم أر بين الناس في ذلك اختلافا، وإذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا وصية لوارث " فحكم الوصية لوارث حكم ما لم يكن فمتى أوصى رجل لوارث وقفنا الوصية فإن مات الموصى والموصى له وارث فلا وصية له، وإن حدث للموصى وارث يحجبه أو خرج الموصى له من أن يكون يوم يموت وارثا له، بأن يكون أوصى صحيحا لامرأته ثم طلقها ثلاثا ثم مات مكانه فلم يرثه فالوصية لها جائزة لأنها غير وارثة وإنما ترد الوصية وتجوز إذا كان لها حكم ولا يكون لها حكم إلا بعد موت الموصى حتى تجب أو تبطل، ولو أوصى لرجل وله دونه وارث يحجبه فمات الوارث قبل الموصى فصار الموصى له وارثا أو لامرأة ثم نكحها ومات وهي زوجته بطلت الوصية لهما معا لأنها صارت وصية لوارث ولو أوصى لوارث وأجنبي بعبد أو أعبد أو دار أو ثوب أو مال مسمى ما كان بطل نصيب الوارث وجاز للأجنبي ما يصيبه وهو النصف من جميع ما أوصى به للوارث والأجنبي، ولكن لو قال أوصيت بكذا لفلان وفلان فإن كان سمى للوارث ثلثا وللأجنبي ثلثي ما أوصى به جاز للأجنبي ما سمى له ورد عن الوارث ما سمى له، ولو كان له ابن يرثه ولابنه أم ولدته أو حضنته أو أرضعته أو أب أرضعه أو زوجة أو ولد لا يرثه أو خادم أو غيره فأوصى لهؤلاء كلهم أو لبعضهم جازت لهم الوصية لأن كل هؤلاء غير وارث وكل هؤلاء مالك لما أوصى له به لملكه ماله إن شاء منعه ابنه وإن شاء أعطاه إياه، وما أحد أولى بوصيته من ذوي قرابته ومن عطف على ولده ولقد ذكر الله تبارك وتعالى الوصية فقال " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " وان الأغلب من الأقربين لأنهم يبتلون أولاد الموصى بالقرابة ثم الأغلب أن يزيدوا وأن يبتلوهم بصلة أبيهم لهم بالوصية وينبغي لمن منع أحدا مخافة أن يرد على وارث أو ينفعه أن يمنع ذوي القرابة وان لا يعتق العبيد الذين قد عرفوا بالعطف على الورثة، ولكن لا يمنع أحد وصية غير الوارث بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لا يختلف فيه من أحفظ عنه ممن لقيت.
باب ما يجوز من إجازة الوصية للوارث وغيره وما لا يجوز (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا أراد الرجل أن يوصى لوارث فقال للورثة إني أريد أن أوصى بثلثي لفلان وارثي فإن أجزتم ذلك فعلت وإن لم تجيزوا أوصيت بثلثي لمن تجوز الوصية له فأشهدوا له على أنفسهم بأن قد أجازوا له جميع ما أوصى له وعلموه ثم مات فخير لهم فيما بينهم وبين الله عز وجل أن يجيزوه لأن في ذلك صدقا ووفاء بوعد وبعدا من غدر وطاعة للميت وبرا للحى فإن لم يفعلوا لم يجبرهم الحاكم على إجازته ولم يخرج ثلث مال الميت في شئ إذا لم يخرجه هو فيه وذلك أن